بالصلاة الأوّلتان ؛ إذ لو شمل الحكم الأخيرتين حصل نوع إشكال في الرواية عند العامل بها ، والإجماع على عدم وجوب القراءة عيناً في الأخيرتين لا ينفع هنا بالنسبة إلى الناسي كما يعرف من مراجعة أقوال العلماء (١) ، وسيأتي من الشيخ ما ينبّه على أنّ من نسي القراءة في الأُوليين لا بدّ له من القراءة في الأخيرتين (٢).
وبالجملة : قد يستفاد من الرواية أنّ ناسي القراءة في جميع الصلاة إذا أتم الركوع والسجود في الجميع أيضاً لا يعيد ، وبدونه يعيد ، والإشكال بعد هذا غير خفي ، فليتأمّل.
والثالث : كما ترى تضمن السهو عن القراءة في الأوّلتين ، والذكر في الأخيرتين أنّه لم يقرأ ، وحقيقة السهو على ما صرّح به سلطان المحققين في التجريد مفارقة للنسيان ، والخبران الأوّلان تضمنا النسيان والعمد ، فإن حُمل السهو في هذا الخبر على المغايرة أفاد ثبوت مشاركة النسيان للسهو في الحكم ، ويتحقق ما أسلفناه سابقاً (٣) من احتمال أنّ النسيان يقابل العمد فيتناول السهو ، أو أنّ السهو مسكوت عنه فيستفاد من هذا الخبر حكمه ، ولا بدّ قبل بيان ما لا بدّ منه في جواب الخبر من نقل ما ذكره الشارح الجديد للتجريد في الفرق بين السهو والنسيان.
وحاصله أنّ للنفس الناطقة بالنسبة إلى مدركاتها أحوالاً ثلاثة : الإدراك وهو حصول الصورة عندها ، والذهول المسمى بالسهو وهو زوال الصورة عنها بحيث يتمكن من ملاحظتها من غير تجشم إدراك جديد لكونها
__________________
(١) انظر المبسوط ١ : ١٠٦ ، المعتبر ٢ : ١٦٧ ، المنتهى ١ : ٢٧٦.
(٢) انظر ص ١٧٦٨ ، وهو في الخلاف ١ : ٣٤١.
(٣) في ص ١٧٦٤.