الأمر على فئة فقالوا بإمامته ، لأن الإمامة في الأكبر وجهلوا أنها في الأكبر ما لم يكن ذا عاهة ، وعبد الله كان أفطح الرجلين ، ولذا سمي الأفطح ، والقائلون بإمامته ـ الفطحيّة ـ.
وكان متّهما في الخلاف على أبيه في الاعتقاد ، ويقال أنه يخالط الحشويّة ويميل الى مذهب المرجئة ، ولذلك لم تكن منزلته عند أبيه كمنزلة غيره من ولده في الإكرام (١).
ولربّما عاتبه أبوه ولامه ووعظه ، ولكن ما كان ليجدي معه ذلك الوعظ والعتب ، وقد قال له يوما : ما منعك أن تكون مثل أخيك فو الله إني لأعرف النور في وجهه ، فقال عبد الله : لم أليس أبي وأبوه واحدا؟ وامّي وامّه واحدة ، فقال له الصادق عليهالسلام : إنه من نفسي وأنت ابني (٢).
أحسب أنه أراد الصادق عليهالسلام من قوله ـ أخيك ـ إسماعيل خاصّة ولذا أجابه عبد الله بقوله : أليس أبي وأبوه واحدا؟ وأمي وامّه واحدة؟ لأن أخاه من الأبوين هو إسماعيل لا موسى.
وكفى بهذا الحديث دلالة على فضل إسماعيل وعلوّ مقامه عند الله وعند أبيه ، وعلى جهل عبد الله وانحطاط منزلته عند الله وعند أبيه.
وادّعى عبد الله الإمامة بعد أبيه محتجّا بأنه اكبر اخوته ، ولقد أنبأ الصادق ولده الكاظم عليهماالسلام بأن عبد الله سوف يدّعي الإمامة بعده ويجلس مجلسه ، وأمره ألاّ ينازعه ولا يكلّمه لأنه أول أهله لحوقا به ، فكان الأمر كما أنبأ عليهالسلام (٣).
__________________
(١) إرشاد الشيخ المفيد : ٢٨٥.
(٢) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب النصّ على الامام الكاظم عليهالسلام : ١ / ٣١٠ / ١٠.
(٣) بحار الأنوار : ٤٧ / ٢٦١ / ٢٩ ، والكشي : ١٦٥.