ولما ادّعى الإمامة تبعه جماعة من أصحاب الصادق عليهالسلام رجع اكثرهم بعد ذلك الى القول بإمامة موسى الكاظم عليهالسلام ، لمّا تبيّنوا ضعف دعواه ، وقوّة الحجّة من أبي الحسن عليهالسلام ودلالة إمامته (١).
وممّن دخل عليه مستعلما صحّة دعواه هشام بن سالم ومؤمن الطاق ، والناس مجتمعون حوله محدقون به ، فسألاه عن الزكاة في كم تجب؟ فقال : في مائتين خمسة ، قالا : ففي مائة؟ قال : درهمان ونصف ، فقالا له : فو الله ما تقول المرجئة هذا ، فرفع يده الى السماء فقال : لا والله ما أدري ما تقول المرجئة ، فعلما أنه ليس عنده شيء ، فخرجا من عنده ضلالا لا يدريان أين يتوجّهان فقعدا في بعض أزقّة المدينة باكيين حيرانين وهما يقولان : لا ندري الى من نقصد الى من نتوجّه الى المرجئة ، الى القدريّة ، الى الزيديّة ، الى المعتزلة ، الى الخوارج ، فبيناهما كذلك إذ رأى هشام شيخا لا يعرفه يومئ إليه بيده ، فخاف أن يكون من عيون المنصور ، لأنه كان له جواسيس وعيون بالمدينة ينظرون على من اتّفق شيعة جعفر عليهالسلام فيضربون عنقه ، فقال لمؤمن الطاق : تنحّ عني فإني أخاف على نفسي وعليك ، وإنما يريدني ليس يريدك ، فتنحّ عني لا تهلك وتعين على نفسك ، فتنحّى أبو جعفر غير بعيد ، وتبع هشام الشيخ ، فما زال يتبعه حتّى أورده باب أبي الحسن موسى عليهالسلام ، ثمّ خلاّه ومضى ، فاذا خادم بالباب ، فقال له : ادخل رحمك الله ، فلمّا دخل قال له أبو الحسن عليهالسلام ابتداء : إليّ إليّ إليّ ، لا إلى المرجئة ، ولا الى القدريّة ، ولا الى الزيديّة ، ولا الى المعتزلة ، ولا الى الخوارج.
ثمّ خرج هشام من عند الكاظم عليهالسلام ولقي أبا جعفر مؤمن الطاق
__________________
(١) إرشاد الشيخ المفيد : ٢٨٥ ، والكشي : ١٦٥.