ولمّا أراد الموافقة مع جيش الجلودي أرسل الرضا إليه مولاه مسافرا وقال له : قل له لا تخرج غدا فإنك إن خرجت غدا هزمت وقتل أصحابك ، وإن قال لك من أين علمت غدا فقل رأيت في النوم ، فلمّا أتاه ونهاه عن الخروج وسأله عن سبب علمه بذاك وقال له رأيت في النوم ، قال محمّد : نام العبد فلم يغسل استه ، فكان الأمر كما أعلمه به مسافر عن الامام (١).
ولمّا خلع نفسه وتخلّى عن الأمر أنفذه الجلودي الى المأمون ولمّا وصل إليه اكرمه المأمون وأدنى مجلسه منه ، ووصله وأحسن جائزته ، فكان مقيما معه بخراسان يركب إليه في موكب من بني عمّه ، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمله السلطان من رعيّته.
وأنكر المأمون يوما ركوبه إليه في جماعة من الطالبيّين ، الذين خرجوا على المأمون في سنة ٢٠٠ فأمنهم ، فخرج التوقيع إليهم : لا تركبوا مع محمّد بن جعفر واركبوا مع عبد الله بن الحسين ، فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلهم ، فخرج التوقيع :
اركبوا مع من أحببتم ، فكانوا يركبون مع محمّد بن جعفر عليهالسلام اذا ركب الى المأمون وينصرفون بانصرافه (٢).
ولمّا خرج على المأمون جفاه الرضا عليهالسلام وقال : إني جعلت على نفسي ألا يظلّني وإيّاه سقف بيت ، ويقول عمر بن يزيد وكان حاضرا عند أبي الحسن عليهالسلام : فقلت في نفسي هذا يأمر بالبرّ والصلة ، ويقول هذا لعمّه ، فنظر إليّ فقال : هذا من البرّ والصلة ، إنه متى يأتيني ويدخل عليّ فيقول فيّ فيصدقه الناس ، واذا لم يدخل عليّ ولم أدخل عليه لم يقبل قوله اذا قال (٣).
__________________
(١) الارشاد : ٣١٤.
(٢) الإرشاد : ٢٨٦.
(٣) بحار الأنوار : ٤٧ / ٢٤٦ / ٤.