من تجرّد عن هذه الشواغل.
ولذلك يقول صادق أهل البيت عليهمالسلام : جعل الخير كلّه في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا.
ويروي هو لنا عن المرشد الاكبر جدّه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : لا يجد الرجل حلاوة الإيمان حتّى لا يبالي من أكل الدنيا.
ثمّ يقول الصادق عليهالسلام : حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتّى تزهد في الدنيا.
ويقول مرّة ترغيبا في الزهد : ما أعجب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيء من الدنيا إلاّ أن يكون فيها جائعا خائفا.
ويقول تارة : إذا أراد الله بعبده خيرا زهّده في الدنيا ، وفقّهه في الدين وبصّره عيوبها ، ومن اوتيهنّ فقد أوتي خير الدنيا والآخرة.
أقول : حقّا أنّ الخير كلّه في هذه الثلاث ، لأن فيها الراحة والطمأنينة والبصيرة ، وهذا هو الخير في هذه العاجلة ، والحظوة بالرتب العليّة في تلك الآجلة كما وعد الله.
ويقول أيضا : لم يطلب أحد الحقّ بباب أفضل من الزهد في الدنيا ، وهو ضدّ لما طلب أعداء الحقّ من الرغبة فيها ، ألا من صبّار كريم ، فإنما هي أيام قلائل.
أقول : إن الذي يحول بين المرء وبين الحقّ هو الحبّ للدنيا والرغبة فيها ، فإن الرغبة في وفرة المال تمنعه عن أداء حقّه ، والحبّ للجاه يحجزه عن القول بالحقّ ، والميل الى الراحة يصدّه عن القيام بالفرض ، فلا يطيق المرء إذن أن يقول الحقّ أو يعمله أو يبلغه إن لم يعرض عن هاتيك الأماني النفسيّة ، نعم إن الإعراض عن هذه الرغائب يحتاج الى صبر وسخاء نفس ، ومن ثمّ ندب الصادق الى هذا الصفح أرباب الصبر والكرم ثمّ أشار الى أن الصبر والكرم لا ينبغي أن