أسبابه ، ولا يقبل الله أعمال العباد إلاّ بمعرفته (١) فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى ، ومعميات السنن ، ومشتبهات الفتن ، فلم يزل الله تعالى مختارهم لخلقه من ولد الحسين عليهالسلام من عقب كلّ إمام إماما ، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ، ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم ، كلّما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما ، علما بيّنا ، وهاديا نيّرا ، وإماما قيّما ، وحجّة عالما ، أئمة من الله يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه ، يدين بهداهم العباد وتستهلّ بنورهم البلاد ، وينمو ببركتهم التلاد (٢) جعلهم الله حياة للأنام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للاسلام ، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها ، فالامام هو المنتجب المرتضى ، والهادي المنتجى (٣) والقائم المرتجى (٤) اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذّر حين ذرأه ، وفي البريّة حين برأه ، ظلاّ قبل خلق الخلق نسمة عن يمين عرشه ، محبوا بالحكمة في عالم (٥) الغيب عنده ، اختاره بعلمه ، وانتجبه لطهره ، بقيّة من آدم عليهالسلام ، وخيرة من ذرّيّة نوح ، ومصطفى من آل إبراهيم ، وسلالة من إسماعيل ، وصفوة من عترة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لم يزل مرعيّا بعين الله يحفظه ويكلأه بستره ، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده ، مدفوعا عنه وقوب الغواسق (٦) ونفوث كلّ فاسق (٧) ،
__________________
(١) كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، أي كأنه لم يسلم ولم يعمل عملا في الاسلام عبادة أو غيرها.
(٢) أي النتاج المتأخّر.
(٣) بالبناء للمفعول أي المنتخب أو المخصوص بالسرّ من الانتجاء الاختصاص بالمناجاة.
(٤) المرتضى في نسخة.
(٥) علم « خ ».
(٦) الوقوف : الدخول ، والغواسق : جمع غاسق الظلام ، ويراد منه كلّ ما يطرق بالليل من سوء من الهوام والسباع والفسّاق.
(٧) النفث : السحر.