مصروفا عنه قوارف السوء (١) مبرأ من العاهات ، معصوما من الفواحش كلّها ، معروفا بالحلم والبرّ في يفاعه (٢) منسوبا الى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مسندا إليه أمر والده ، صامتا عن المنطق في حياته ، فاذا انقضت مدّة والده الى أن انتهت به مقادير الله الى مشيّته ، وجاءت الإرادة من الله فيه الى محبّة (٣) وبلغ منتهى مدّة والده صلّى الله عليه فمضى وصار أمر الله إليه من بعده ، وقلّده دينه وجعله الحجّة على عباده ، وقيّمه في بلاده وأيّده بروحه وآتاه علمه وأنبأه فصل بيانه ، ونصبه علما لخلقه ، وجعله حجّة على أهل عالمه ، وضياء لأهل دينه ، والقيّم على عباده ، رضي (٤) الله به إماما لهم ، استودعه سرّه ، واستحفظه علمه ، واستخبأه حكمته ، واسترعاه لدينه ، وانتدبه لعظيم أمره ، وأحيى به مناهج سبيله ، وفرائضه وحدوده ، فقام بالعدل عند تحيّر أهل الجهل ، وتحيير أهل الجدل ، بالنور الساطع ، والشفاء النافع ، بالحقّ الأبلج ، والبيان اللائح من كل مخرج ، على طريق المنهج الذي مضى عليه الصادقون من آبائه عليهمالسلام ، فليس يجهل حقّ هذا العالم إلاّ شقي ، ولا يجحده إلاّ غوي ، ولا يصدّ عنه إلاّ جريء على الله تعالى.
أقول : لعلّك تخال بأن هذه النعوت كبيرة على الإنسان بحكم العادة ، وأين من يحمل هذه الصفات ولكنّك لو نظرت الى أن الإمامة خلافة الرسول ، وأن خليفته يجب أن يقوم بوظائفه ، مرشدا لامّته ، مصلحا للناس عامّة ، لا يقنت أن هذه النعوت لا تنفكّ عنه ، وأنه لا بدّ أن يكون في الامّة من يتحلّى بهذه
__________________
(١) قوارف السوء : أعماله ومقارباته.
(٢) شبابه.
(٣) حجّته « خ » حجبه « خ ».
(٤) جواب « فاذا انقضت ».