الفهريّ ، فلبسوا للقتال ثمّ خرجوا على خيلهم حتّى مرّوا بمنازل بني كنانة ، فقالوا : تهيّؤا يا بني كنانة للحرب ثمّ أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتّى وقفوا على الخندق ، فلمّا تأمّلوه قالوا : والله إنّ هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ، ثمّ تيمّموا مكانا من الخندق فيه ضيق فضربوا خيلهم فاقتحمته ، وجاءت بهم في السبخة بين الخندق وسلع (١).
وخرج أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب في نفر معه من المسلمين حتّى أخذوا على الثغرة التي اقتحموها.
فتقدّم عمرو بن عبد ودّ الجماعة الذين خرجوا معه ، وقد أعلم ليرى مكانه.
فلمّا رأى المسلمين وقف هو والخيل التي معه وقال : هل من مبارز؟ فبرز إليه أمير المؤمنين عليهالسلام.
فقال له عمرو بن عبد ودّ : ارجع يا ابن أخي فما احبّ أن أقتلك.
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : قد كنت عاهدت الله يا عمرو أن لا يدعوك أحد من قريش الى إحدى خصلتين إلاّ اخترتها منه.
قال : أجل فما ذاك؟
قال عليهالسلام : فإنّي أدعوك الى الله ورسوله والإسلام.
قال : لا حاجة لي في ذلك.
قال : فإنّي أدعوك الى النزال.
فقال : ارجع فقد كان بيني وبين أبيك خلّة (٢) وما احبّ أن أقتلك.
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : لكنّي والله احبّ أن أقتلك ما دمت أبيّا للحقّ.
فحمى عمرو من ذلك وقال : أتقتلني ، ونزل عن فرسه فعقره وضرب وجهه حتى نفر ، وأقبل على عليّ عليهالسلام مصلتا سيفه ، وبدره بالسيف فنشب سيفه في ترس عليّ عليهالسلام ، وضربه عليّ عليهالسلام فقتله.
__________________
(١) سلع : موضع بقرب المدينة ، وقيل : جبل بالمدينة ( لسان العرب ٨ / ١٦١ ).
(٢) الخلّة : الصداقة المختصّة التي ليس فيها خلل ( لسان العرب ١١ / ٢١٦ ).