أردت بما سألتك عنه إلاّ الله وحده لا شريك له.
فضحك وقال : يا حارثة دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد اشتدّ وجعه فأحببت الخلوة به ، وكان عنده العبّاس ، فجلست حتى نهض وتبيّن لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أردت ، فالتفت إليّ وقال : يا عمر أردت أن تسألني لمن يصير هذا الأمر بعدي.
قلت : نعم يا رسول الله. فقال : هذا وصيّي من بعدي ، وهو خليفتي وكاتم سرّي ، من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ، ومن عصاني فقد عصى الله عزّ وجلّ ، ألا ومبغضه مبغضي ، ومبغضي مبغض الله ، يا علي والى الله من والاك وخذل من يخذلك. ثمّ علا بكاؤه ، فانهملت عبرته ، فجعلت آخذها بيدي وهي تنهدر على لحيته وعلى خدّه عليهالسلام وأنا أمسح بيدي وجهه ، ثمّ التفت إليّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : يا عمر إذا نكث الناكثون وقسط القاسطون ومرق المارقون قام هذا مقامي حتى يفتح الله عليه وهو خير الفاتحين.
قال حارثة : فتعاظمني ذلك ، فقلت : يا عمر فقد فقدتموه وقد سمعت هذا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال : يا حارثة بأمر كان ذلك.
قلت : بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بأمر عليّ عليهالسلام؟
قال : بأمر عليّ (١).
حدّث الأعمش ، عن عتابة الأسدي أنّه قال : كان عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما جالسا بمكّة يحدّث الناس على شفير زمزم ، فلمّا انقضى حديثه نهض إليه رجل فسلّم عليه وقال : يا ابن عبّاس إنّي رجل من أهل الشام.
فقال ابن عبّاس : أعوان كلّ ظالم إلاّ من عصم الله منهم ، سل عمّا بدا لك.
قال : يا ابن عبّاس أسألك عن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وقتله أهل لا إله إلاّ الله.
قال له ابن عبّاس : ثكلتك امّك سل عمّا يعنيك ودع ما لا يعنيك.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤٠ ص ١٢١ باب ٩٢ ح ١١.