فقال قائل من القوم لم أعرفه : إنّ كبشنا هذا طلحة وكبشكم الزبير فاذبحوهما يرح الله منهما الامّة ، ثمّ وثب على كبشه فذبحه ، ووثب بعض أصحابنا على كبشنا فذبحه.
فقال المحاربي : بالله ما رأيت عجبا كاليوم قطّ أي اخي ، اسمع منّي ما أقول لك ، والله ما نرجع من وجهنا هذا حتى يقتل الرجلان. فقال رجل من ناحية القوم : صدق قولك وسعد طائرك قتلا ثمّ لا عذرا.
ولمّا نزل أمير المؤمنين عليهالسلام بذي قار وجّه محمّد بن جعفر بن أبي طالب ومحمّد بن أبي بكر الى أهل الكوفة يدعوهم الى مظاهرته ، فلمّا وصل إليهم المحمّدان ووالي الكوفة يومئذ أبو موسى الأشعري ، فدخل عليه الكوفيون فقالوا : له : يا أبا موسى أشر علينا برأيك في الخروج مع هذين الرجلين الى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام. قال : أمّا سبيل عليّ فسبيل الآخرة وأمّا سبيل طلحة والزبير فسبيل الدنيا ، فشيموا (١) سيوفكم ، والزموا بيوتكم ، وخلّوا بين قريش وبين ما جنت.
فمنع الناس من الشخوص الى عليّ عليهالسلام ، فبلغ ذلك المحمّدين فأغلظا الحديث لأبي موسى ، فقال لهما أبو موسى : والله إنّ بيعة عثمان في عنق عليّ وعنقي وأعناقكما ، ولو أردنا قتالا ما كنّا لنبدأ بأحد قبل قتلة عثمان. فخرجا من عنده ولحقا بعليّ عليهالسلام فأخبراه الخبر ، فبعث عليّ عليهالسلام هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص الى أبي موسى ، وكتب إليه كتابا نسخته :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس ، السلام عليك. أمّا بعد فإنّي قد بعثت إليك هاشم بن عتبة لينهض إليّ من قبلك من المؤمنين والمسلمين لنتوجّه الى قوم نكثوا بيعتي وقتلوا شيعتي وأحدثوا في هذه الامّة الحدث العظيم ، فأشخص إليّ بالناس معه حين يقدم إليك ، ولا تحبسه فانّي لم اولّك المصر الذي أنت فيه ولم اقرّك على عملك إلاّ لتكون من أعواني على الحقّ ومن أنصاري على هذا الأمر والسلام (٢).
__________________
(١) شام السيف : أغمده ( لسان العرب ).
(٢) مصنّفات الشيخ المفيد ج ١ ص ٢٤٨.