قال : وحضر يومئذ من الشيعة ألفان أو أكثر فقدّموا عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله ، فقام الحسن عليهالسلام فضربه ضربة فاتّقاها فلم تعمل شيء : فقالوا : ضربة بضربة.
فضربه الحسين عليهالسلام والناس مجتمعون فأبان رأسه ، فقالوا : ضربة بضربة. وقد كان أمير المؤمنين أوصاهما بذلك وقال لهما : إنّ ابن ملجم ضربني ضربة فلم تصنع شيئا ثمّ ضربني ضربة ثانية ، فإذا أنا متّ فيضربه الحسن فما تصنع شيئا فيضربه الحسين فيقتله. فعند ذلك يقول العبدي :
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة |
|
كمهر قطام بيّن غير مبهم (١) |
ثلاثة آلاف وعبد وقينة (٢) |
|
وضرب عليّ بالحسام المسمّم |
فلا مهر أغلى من عليّ وإن غلا |
|
ولا فتك إلاّ دون فتك (٣) ابن ملجم (٤) |
قال : فلمّا دفن أمير المؤمنين عليهالسلام [ وقف ] صعصعة بن صوحان على قبره واضعا إحدى يديه على فؤاده والاخرى قد أخذ بها من التراب وهو يضرب به رأسه [ و ] يقول :
ألا من لي بنشرك (٥) يا اخيّا |
|
ومن لي إن أبثك ما لديّا |
طوتك منون دهرك بعد نشر |
|
كذاك (٦) خطوبه نشرا وطيّا |
فلو نشرت طواك (٧) الى المنايا |
|
شكوت إليك ما صنعت إليّا |
بكيتك يا عليّ بدرّ عيني |
|
فلم يغن البكاء عليك شيئا |
كفى حزنا بفقدك (٨) ثمّ إنّي |
|
نفضت تراب قبرك عن يديّا |
وكانت في حياتك لي عظات |
|
فأنت اليوم أوعظ منك حيّا (٩) |
__________________
(١) في المصدر : من فصيح وأعجم.
(٢) في المصدر : وفتية.
(٣) في المصدر : ولا قتل إلاّ دون قتل.
(٤) رواه ابن شهرآشوب في مناقبه : ج ٣ ص ٣١١ باختلاف في بعض الألفاظ.
(٥) في المصدر : بانسك.
(٦) في المصدر : طوتك منون دهر قد توالى ... لذاك ...
(٧) في المصدر : قواك.
(٨) في المصدر : بدفنك.
(٩) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٣ ص ٣١٤.