الأيّام ونزل بهم الحمام (١) ، فخلفوا الخلوف (٢) ، وأودت بهم الحتوف (٣) ، فهم صرعى في عساكر الموتى ، متجاورون في غير محلّة (٤) التجاور ، ولا صلة بينهم ولا تزاور ، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم (٥) ، وأجسامهم نائية من أهلها ، خالية من أربابها ، قد أخشعها (٦) إخوانها ، فلم أر مثل دارها دارا ، ولا مثل قرارها قرارا ، في بيوت موحشة ، وحلول (٧) مخضعة ، قد صارت في تلك الديار الموحشة ، وخرجت عن الدار المؤنسة ، فارقتها عن غير قلى (٨) ، فاستودعتها البلاء ، فكانت أمة مملوكة ، سلكت سبيلا مسلوكة ، صار إليها الأوّلون ، وسيصير إليها الآخرون ، والسلام (٩).
وقال عليهالسلام وقد خطب الناس بعد البيعة له بالأمر ، فقال : نحن حزب الله الغالبون ، وعترة رسوله الأقربون ، وأهل بيته الطيّبون الطاهرون ، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمّته ، والثاني كتاب الله فيه تفصيل كلّ شيء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فالمعوّل علينا في تفسيره لانتظنّا (١٠) تأويله بل نتيقن حقائقه ، فأطيعونا فإنّ طاعتنا مفروضة ، إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة ، قال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
__________________
(١) الحمام : بالكسر قدر الموت.
(٢) الخلف : بالتحريك والسكون كلّ من يجيء بعد من مضى إلاّ أنّه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر. والخلوف : جمع خلف.
(٣) أودى به الموت : ذهب به. والحتوف : بالضمّ جمع الحتف وهو الموت.
(٤) كذا ، والظاهر : غير محل التجاور.
(٥) « عن قرب جوارهم » لعلّها للتعليل ، أي لا يقع منهم الملاقاة الناشئة عن قرب الجوار ، بل أرواحهم يتزاورون بحسب درجاتهم وكمالاتهم.
(٦) كذا في النسخة وفي أكثر نسخ المصدر ، وهو لا يناسب المقام ، وفي بعض نسخ البحار بالجيم ، والجشع : الجزع لفراق الأحبّة.
(٧) الحلول : بالضمّ جمع حالّ ، من قولهم حلّ بالمكان أي نزل فيه.
(٨) القلى : بالكسر البغض.
(٩) أمالي الطوسي : ج ١ ص ٢٠٥ المجلس السابع ح ٤٧.
(١٠) لانتظرنا ( خ ل ).