داري من أكره. فقال لها الحسين عليهالسلام : هذه دار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنت حشية من تسع حشايا خلّفهنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّما نصيبك من الدار موضع قدميك. ثمّ بادر ابن عبّاس رضي الله عنهما الى مروان فقال : ارجع يا مروان من حيث جئت فإنّا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لكنّا نريد أن يجدّد به عهدا بزيارته ثمّ نردّه الى جدّته فاطمة بنت أسد فندفنه عندها بوصيّته بذلك ، ولو كان وصّى بدفنه مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلمت أنّك أقصر باعا من ردّنا عن ذلك ، لكنّه عليهالسلام كان أعلم بالله ورسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير إذنه. ثمّ أقبل على عائشة فقال لها : وا سوأتاه يوما على بغل ويوما على جمل ، تريدين أن تطفئي نور الله وتقاتلي أولياء الله ، ارجعي فقد كفيت الذي تخافين ، وبلغت الذي تحبّين ، والله تعالى منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين.
قال الحسين عليهالسلام : والله لو لا عهد الحسن إليّ بحقن الدماء وأن لا اهرق في أمره محجمة من دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها ، وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم ، وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا.
ومضوا بالحسن عليهالسلام حتّى دفنوه بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها (١).
وكانت مدّة مرض الحسن عليهالسلام أربعين يوما.
وقال الأعمش ، عن سالم بن الجعد ، قال : حدّثني رجل منّا ، قال : أتيت الحسن بن عليّ عليهماالسلام فقلت له : يا ابن رسول الله أذللت رقابنا وجعلتنا بعد الشيعة (٢) عبيدا ما بقي معك رجل. قال : وممّ ذلك؟ قلت : بتسليمك الأمر لهذا الطاغية. قال : والله ما سلّمت الأمر إليه إلاّ لأنّي لم أجد ناصرا ، ولو أجد ناصرا لقاتلته ليلي ونهاري حتّى يحكم الله بيني وبينه ، ولكنّي عرفت أهل الكوفة وبلوتهم وأنّه لا يصلح منهم ما كان فاسدا وأنّهم لا وفاء لهم ولا ذمّة في قول ولا فعل ، أنّهم لمختلفون ، وتقولون لنا إنّ قلوبهم معنا وإنّ سيوفهم لمشهورة علينا.
__________________
(١) الإرشاد : ص ١٩٢ ـ ١٩٣.
(٢) كذا ، وفي الاحتجاج : معشر الشيعة.