يوسف بذلك ، وقال : إنّى أتخوّفه ، وكنت احبّ المقام بالكوفة للقاء الإخوان وكثرة شيعتنا ، وكان يوسف يبعث إليّ يستحثّني على الخروج ، وأتعلّل وأقول : إنّي وجع ، فيمكث أوقاتا ثمّ يسأل عنّي فيقال له هو مقيم بالكوفة.
فلمّا رأيت جدّه في شخوصي تهيّأت وأتينا القادسيّة ، فلمّا بلغه خروجي وجّه معي رسولا حتّى بلغ بي العذيب ، فلحقت الشيعة بي وقالوا : أين تخرج ومعك مائة ألف سيف من أهل الكوفة وأهل البصرة وأهل الشام وخراسان وأهل الجبال وليس قبلنا من أهل الشام إلاّ عدّة يسيرة. فأبيت عليهم. فقالوا : ننشدك الله إلاّ رجعت ولا تمضي. فأبيت وقلت : لست آمن غدركم لفعلكم بجدّي الحسين عليهالسلام وغدركم بعمّي الحسن قالوا : لن نفعل وأنفسنا دون نفسك. فلم يزالوا بي حتّى رجعت معهم الى الكوفة.
قال : فأقبلت الشيعة تختلف إليه يبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة خاصّة سوى غيرهم.
قال أبو معمر : بايعه ثمانون ألفا.
قال : وكان دعاته نصر بن معاوية بن شدّاد العبسي ، ومعمّر بن حكم العامريّ ، وعبد الله بن الزبير الأسدي ، ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري ، وكان معمّر بن خيثم وفضيل بن الزبير يدخلان الناس عليه وعليهم براقع لا يعرفون موضع زيد فيأتيان بهم من مكان لا يبصرون حتّى يدخلوا عليه فيبايعوه وأقام بالكوفة ثلاثة عشر شهرا إلاّ أنّه كان بالبصرة نحو شهر.
قال : وكانت بيعته التي يبايع الناس عليها أنّه يبدأ فيقول : إنّا ندعوكم أيّها الناس الى كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإلى جهاد الظالمين ، والدفع عن المستضعفين ، وقسم الفيء بين أهله ، وردّ المظالم ، ونصرتنا أهل البيت على من نصب لنا الحرب ؛ أتبايعون على هذا؟ فإذا قالوا : نعم ، وضع يد الرجل على يده ويقول : عليك عهد الله وميثاقه وذمّته وذمّة رسوله لتفينّ ببيعتي ولتقاتلنّ عدوّنا ولتنصحنّ لنا في السرّ والعلانية ، فإذا قال نعم مسح يده على يده ، ثمّ يقول : اللهمّ اشهد.