لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) (١) الذي لم يحرّك به لسانه لغيرنا أمره الله تعالى أن يخصّنا به من دون غيرنا ، فكذلك كان يناجي أخاه عليّا عليهالسلام من دون أصحابه ، وأنزل الله تعالى بذلك قرآنا في قوله : ( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) (٢) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأصحابه : « سألت الله أن يجعلها اذنك يا عليّ » فلذلك قال عليّ عليهالسلام بالكوفة : « علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ألف باب من العلم يفتح كلّ باب ألف باب » خصّه به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكنون سرّه كما خصّ الله نبيّه عليهالسلام وعلّمه ما لم يخصّ به أحدا من قومه حتّى صار إلينا ، فتوارثناه من دون أهلنا.
فقال هشام : إنّ عليّا كان يدري علم الغيب والله لم يطّلع على غيبه أحدا ، فمن أين ادّعى ذلك؟ فقال أبي : إنّ الله جلّ ذكره أنزل على نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كتابا بيّن فيه ما كان وما يكون الى يوم القيامة في قوله : ( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ) (٣) وفي قوله : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) (٤) وفي قوله : ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) (٥) وفي قوله : ( وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) (٦) وأوحى الله الى نبيّه عليهالسلام أن لا يبقى في عيبة سرّه ومكنون علمه شيئا إلاّ يناجي به عليّا عليهالسلام ، فأمره أن يؤلّف القرآن من بعده ويتولّى غسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه ، وقال لأصحابه : « حرام على أصحابي وقومي أن ينظروا الى عورتي غير أخي عليّ فإنّه منّي وأنا منه ، له ما لي وعليه ما عليّ ، وهو قاضي ديني ومنجز موعدتي » ثمّ قال لأصحابه : « عليّ بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل على تنزيله » ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلاّ عند عليّ عليهالسلام ، ولذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أقضاكم عليّ » أي : هو قاضيكم ، وقال عمر بن الخطّاب : « لو لا عليّ لهلك عمر » يشهد له عمر ويجحده غيره.
__________________
(١) القيامة : ١٦.
(٢) الحاقة : ١٢.
(٣) النحل : ٨٩.
(٤) يس : ١٢.
(٥) الأنعام : ٣٨.
(٦) النمل : ٧٥.