فلمّا أخرجه قال أبي : يا زيد إنّ معك سكّينا قد أخفيتها ، أرأيتك إن نطقت هذه السكّين التي تسترها منّي فشهدت أنّي أولى منك بالحقّ فتكفّ عنّي؟ قال : نعم ، وحلف له على ذلك.
فقال أبي : أيّتها السكّين انطقي بإذن الله. فوثبت السكّين من يد زيد بن الحسن على الأرض ثمّ قالت : يا زيد أنت ظالم ومحمّد بن عليّ أحقّ بالأمر منك وأولى ، ولئن لم تكفّ لألينّ قتلك.
فخرّ زيد بن الحسن مغشيّا عليه ، وأخذ أبي بيده فأقامه ثمّ قال : يا زيد إن نطقت هذه الصخرة التي نحن عليها أتقبل؟
قال : نعم ، وحلف له على ذلك. فزحفت الصخرة ثمّ قالت : يا زيد أنت ظالم ومحمّد أولى بالأمر منك فكفّ عنه وإلاّ وليت قتلك.
فخرّ زيد مغشيّا عليه ، فأخذ أبي بيده وأقامه ، فحلف زيد أن لا يعارض أبي ولا يخاصمه. وخرج زيد من يومه الى عبد الملك بن مروان فدخل عليه وقال له : أتيتك من عند ساحر كذّاب لا يحلّ لك تركه. وقصّ عليه ما رأى.
فكتب عبد الملك الى عامل المدينة أن ابعث إليّ محمّد بن عليّ مقيّدا.
فلمّا انتهى الكتاب الى العامل أجاب عبد الملك : ليس كتابي هذا خلافا عليك يا أمير المؤمنين ولا ردّا لأمرك ، ولكن رأيت أن اراجعك في الكتاب نصيحة وشفقة عليك فإنّ الرجل الذي أردته ليس على وجه الأرض اليوم أعفّ منه ولا أزهد ولا أورع منه ، وأنّه ليقرأ في محرابه فتجتمع الطير والسباع إليه تعجّبا لصوته ، وأنّ قراءته لتشبه مزامير آل داود ، وأنّه من أعلم الناس ، وأرأف الناس ، وأشدّ الناس اجتهادا وعبادة ، وكرهت لأمير المؤمنين التعرّض له ، فإنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.
فلمّا ورد الكتاب على عبد الملك بن مروان سرّ بما أنهى إليه الوالي وعلم أنّه نصحه ، فدعا زيد بن الحسن فأقرأه الكتاب. فقال زيد : أعطاه وأرضاه فقال عبد الملك : فهل تعرف أمرا غير هذا. قال : نعم عنده سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيفه