أبو الحسن عليهالسلام من موكب المتوكّل وبين يديه الشاكريّة ومن ورائه الركبيّة يشيّعونه إلى داره.
قال : فلمّا بلغ الى الموضع الذي فيه الرجلان التفت الى الرجل الفطحي فتفل بشيء من فيه في صدر الفطحي كأنّه عرق البيض فالتصق في صدر الرجل كمثل دارة الدرهم وفيه سطر مكتوب بخضرة : ما كان عبد الله هناك ولا كذلك.
قال : فقرأه الناس وقالوا له : ما هذا؟ فأخبرهم وصاحبه بقصّتهما ، فأخذ الفطحي التراب من الأرض بيده فوضعه على رأسه وقال : تبّا لما كنت عليه قبل يومي هذا والحمد لله على حسن هدايته ، وقال بإمامته (١).
وقال أبو الحسن محمّد بن اسماعيل بن أحمد الفهقلي الكاتب بسرّمن رأى سنة ثمان وثلاثين ومائتين ، قال : حدّثني أبي ، قال : كنت بسرّمن رأى أسير في درب الحصى فرأيت يزداد الطبيب النصراني تلميذ بختيشوع وهو منصرف من دار موسى بن بغا فسايرني وأفضى بنا الحديث الى أن قال لي : أترى تدري من صاحب هذا الجدار؟ قلت : ومن صاحبه؟ قال : هذا الفتى العلوي الحجازي ، يعني عليّ بن محمّد بن الرضا عليهمالسلام ، وكنّا نسير في فناء داره. قلت ليزداد : نعم فما شأنه؟ قال : إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو. قلت : وكيف ذلك؟ قال : اخبرك عنه باعجوبة لن تسمع مثلها أبدا ولا غيرك من الناس ، ولكن لي الله عليك كفيل وراع ، انّك لا تحدّث به عنّي أحدا فإنّي رجل طبيب ولي معيشة أرعاها عند هذا السلطان ، وبلغني أنّ الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه لئلاّ ينصرف إليه وجوه الناس فيخرج هذا الأمر عنهم يعني بني العبّاس قلت : لك عليّ ذلك فحدّثني به ، وليس عليك بأس إنّما أنت رجل نصراني لا يتهمك أحد فيما تحدّث به عن هؤلاء القوم. قال : نعم اعلمك أنّي لقيته منذ أيّام وهو على فرس أدهم وعليه ثياب سواد وعمامة سواد وهو أسود اللون ، فلما بصرت به وقفت إعظاما له وقلت في نفسي : لا وحقّ المسيح ما خرجت من فمي الى أحد من الناس قلت في نفسي : ثياب
__________________
(١) دلائل الإمامة : ص ٢٢٠.