سواد ودابّة سوداء ورجل أسود ، سواد في سواد في سواد. فلمّا بلغ إليّ نظر إليّ وأحدّ النظر وقال : قلبك أسود كما ترى عيناك من سواد في سواد في سواد. قال أبي رحمهالله : فقلت له : أجل لا احدّث به أحدا ، فما صنعت وما قلت له؟ قال : أسقطت في يدي فلم أحر جوابا. قلت له : أفما ابيضّ قلبك لما شاهدت؟ قال : الله أعلم. قال أبي : فلمّا اعتلّ يزداد بعث إليّ فحضرت عنده فقال : إنّ قلبي قد ابيضّ بعد سواده فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله وأنّ عليّ بن محمّد حجّة الله على خلقه وناموسه الأعظم ، ثمّ مات في مرضه ذلك ، وحضرت الصلاة عليه (١).
وقال أحمد بن عليّ : دعانا عيسى بن حسن القمي لي ولأبي عليّ فقال لنا : أدخلني ابن عمّي أحمد بن إسحاق على أبي الحسن عليهالسلام فرأيته وكلّمه بكلام لم أفهمه ، فقال له : جعلني الله فداك هذا ابن عمّي عيسى بن حسن وبه بياض في ذراعه وشيء قد تكيّل كأمثال الجوز. قال : فقال لي : تقدّم يا عيسى فتقدّمت. قال : فقال : أخرج ذراعك فأخرجت ذراعي فمسح عليها وتكلّم بكلام خفيّ طوّل فيه ، ثمّ قال ثلاث مرّات : بسم الله الرحمن الرحيم ثم التفت إلى احمد بن إسحاق فقال له : يا احمد بن إسحاق كان علي بن موسى يقول بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى الاسم الأعظم من بياض العين إلى سوادها ، ثمّ قال : يا عيسى. قلت : لبيك. قال : أدخل يدك كمك ثمّ أخرجها. فأدخلتها ثمّ أخرجتها وليس في يدي قليل ولا كثير [ من ذلك البياض بحمد الله ومنّه ] (٢).
وقال أبو هاشم الجعفري : خرجت مع أبي الحسن عليهالسلام إلى ظاهر سرّ من رأى يتلقّى بعض القادمين فأبطئوا ، وطرح لأبي الحسن غاشية السرج فجلس عليها. فشكوت إليه قصور يدي وضيق حالي ، فأهوى يده إلى رمل فناولني منه أكفّا وقال : اتسع بهذا يا أبا هاشم واكتم ما رأيت فخبأته معي ورجعنا فأبصرته فإذا هو يتّقد كالنيران ذهبا أحمر ، فدعوت صائغا إلى منزلي وقلت له : اسبك لي سبيكة.
__________________
(١) دلائل الإمامة : ص ٢٢١ ـ ٢٢٢.
(٢) دلائل الإمامة : ص ٢٢٢ مع اختلاف يسير.