وكتب عليهالسلام إلى أحمد بن إسماعيل بن يقطين في سنة سبع وعشرين ومائتين :
بسم الله الرحمن الرحيم
عصمنا الله وإيّاك من الفتنة ، فإن يفعل فأعظم بها منّة ، وألاّ يفعل فهي الهلكة.
نحن نرى أنّ الكلام في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب ، فيعاطى السائل ما ليس له وتكلّف المجيب ما ليس عليه وليس خالق إلاّ الله ، وكلّ ما دون الله مخلوق ، والقرآن كلام الله ، فانبذ بنفسك وبالمخالفين في القرآن إلى أسمائه التي سمّاه الله بها ، وذر الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ، ولا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالّين ، جعلنا الله وإيّاك من الذين يخشون ربّهم وهم من الساعة مشفقون (١).
وكتب إلى بعض أهل همدان : ليس مع سوء الظن بنا إيمان.
وقيل : قدّم إلى المتوكّل رجل نصراني قد فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحدّ فأسلم ، فقال يحيى بن أكثم : قد هدم إيمانه بشركه وفعله ، وقال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود ، وقال بعضهم : يفعل به كذا وكذا ، واختلفوا عليه : فأمر المتوكّل بالكتاب إلى أبي الحسن عليهالسلام وسؤاله عن ذلك. قال : فلمّا قرأ الكتاب كتب عليهالسلام : يضرب حتى يموت.
فأنكر يحيى بن أكثم ذلك ، وأنكر فقهاء العسكر ، فقالوا : يا أمير المؤمنين سل عن هذا فإنّه شيء لم ينطق به كتاب ولم تجيء به سنّة. وكتب إليه المتوكّل : إنّ فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا وقالوا لم تجيء به سنّة ولا نطق به كتاب ، ففسّر لنا لم أوجبت عليه الضرب حتى يموت؟ فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ ) (٢) (٣).
وقال عليهالسلام : إنّ الله تعالى جعل أشبه شيء بالحقّ الباطل فسمّاه الشبهة ، ثمّ بثّهما
__________________
(١) التوحيد : ص ٢٢٤ ب ٣٠ ح ٤.
(٢) غافر : ٨٣ ـ ٨٤.
(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٤ ص ٤٠٥ ـ ٤٠٦.