في الخلق جميعا لامتحان الخلق ، فمن ميّز الحقّ من الباطل وعرفه كان الفائز ، وقد سمّاهم الله جلّ وعزّ : اولو النهى واولو الألباب واولو الأبصار ، فقال : فاعتبروا يا اولي الألباب ويا اولي النهى ويا اولي الأبصار ، وعمى قوم آخرون فلزم الشبهة ، فألزم قلوبهم الزيغ بما اتّبعوا من الباطل ( وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ ) (١) ففضحهم في كتابه ، فهم الأكثرون عددا عند الناس ، والأوّلون وزنا عند الله ، جلّ وعزّ ، وهؤلاء الأقلّون عددا عند الناس والأكثرون وزنا عند الله جلّ وعزّ هم أولياؤه فقال : « يا أيّها الذين آمنوا أنتم أولياء الله لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون » « والذين اتّبعوا الشهوات أولياء الطاغوت ».
وكتب السبري بن سلامة إلى أبي الحسن عليهالسلام سأله عن الغالية ومذاهبهم وما يدعون إليه وما يتخوّف من معرّتهم على ضعف اخوانه ، ويسأله الدعاء له ولإخوانه في ذلك. فأجاب عليهالسلام : عدل الله عنكم ما سلكوا فيه من الغلوّ ، فحسبهم أن يبرأ الله جلّ وعزّ وأولياؤه منهم ، وجعل الله ما أنتم عليه مستقرّا ولا جعله مستودعا ، وثبّتكم بالقول الثابت في الدنيا والآخرة ، ولا أضلّكم بعد إذ هداكم ، وأحمد الله كثيرا وأشكره.
وقال سهل بن زياد : كتب إليه بعض أصحابنا يسأله أن يعلّمه دعوة جامعة للدنيا والآخرة ، فكتب إليه : أكثر من الاستغفار والحمد فإنّك تدرك بذلك الخير كلّه (٢).
وقال الحميري : كتبت إليه يختلف إلينا أخباركم فكيف العمل بها؟ قال : فكتب إليّ : من لزم رأس العين لم يختلف عليه أمره ، إنّها تخرج من مخرجها وهي بيضاء صافية نقيّة فتخالطها الأكدار في طريقها.
قال : فكتبت إليه : كيف لنا برأس العين وقد حيل بيننا وبينه؟ قال : فكتب إليّ هي مبذولة لمن طلبها إلاّ لمن أرادها بإلحاد.
وقال أحمد بن إسحاق : كتبت الى أبي الحسن عليهالسلام أسأله عن الرؤية وما
__________________
(١) غافر : ٥.
(٢) الكافي : ج ٥ ص ٣١٦ ـ ٣١٧ ح ٥١.