يهود الشام أحد من قريش إلاّ سألوه عن عبد الله بن عبد المطّلب كيف تركوه؟
فتقول قريش : بخ بخ ، تركناه نورا في قريش يتلألأ حسنا وبهاء وجمالا وكمالا.
فتقول الأحبار : معاشر قريش إنّ ذلك النور لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بن عبد الله بن عبد المطّلب نبيّ يخرج من ظهره في آخر الزمان يغيّر عبادة الأصنام ويبطل عبادة اللات والعزّى.
فكانت قريش إذا سمعوا بذلك يغشى عليها ، فإذا أفاقت رجعت في تحيّرها وكفرها ، ثمّ تقول : القول كما يقولون وربّ الكعبة.
وعبد الله يومئذ أجمل قريش كلّها ، قد شغفت به كلّ نساء قريش ، حتى لقي في زمنه ما لقي يوسف الصدّيق عليهالسلام من امرأة العزيز في زمانه ، وكان يخبر أباه بما يرى من العجائب ، وكان يقول : يا أبه إنّي إذا خرجت الى مكّة خرج من ظهري نوران : أحدهما يأخذ شرق الأرض والآخر غربها. ثمّ إنّ النورين يستديران في ظهري كأسرع من طرف العين.
قال أبوه : لئن صدق قولك فسيخرج من ظهرك (١) أكرم العالمين ، وقد رأيت رؤيا بعد رؤيا ، كلّ يدلّ على أن سيخرج من ظهرك أجمل الخلق أجمعين.
وبقي عبد الله على ذلك زمانا ودهرا ليس لنساء قريش غسل من أزواجهنّ ولا للرجال فرح من أهاليهم شوقا الى عبد الله بن عبد المطّلب.
فجاءوا معهم بسبعين سيفا شاهرة مسمومة ، فجعلوا يسيرون الليل والنهار حتى نزلوا بفناء مكّة ، فلمّا كان يوم من الأيّام خرج عبد الله الى صيده وحيدا وأصاب الأحبار منه الخلوة أحدقوا به ليقتلوه ، فلمّا نظر الى ذلك وهب بن عبد مناف الزهري وهو أبو آمنة جدّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أدركته الحميّة وعصبية العرب والجاهلية فقال : سبعون رجلا تحدقون برجل واحد من أهل مكّة تريدون قتله لا ناصر له ، والله لأنصرنّه.
قال : فأجرى جواده لينصر عبد الله بن عبد المطّلب على اولئك الأحبار فحانت
__________________
(١) في هامش الأصل : صلبك خ ل.