قال : لأنّي سمعت بالشام جميع الرهبان يقولون : هلاك الأصنام على يدي هذا الغلام.
قالوا : فهل رأيت يا أبا طالب منه شيئا غير هذا الذي تحكيه عن الرهبان فإنّه غير كائن أبدا أو نهلك جميعا.
قال : نعم نزلنا تحت شجرة يابسة فاخضرّت وأثمرت ، فلمّا ارتحلنا وسرنا اهتزّت ونثرت على رأسه جميع ثمرها ، ونطقت فما رأيت شجرة قطّ تنطق قبلها ، وهي تقول : يا أطيب الناس فرعا وأزكاهم عودا ، امسح بيديك المباركتين عليّ لأبقى خضراء الى يوم القيامة.
قال : فمسح يده عليها فازدادت الضعف نورا وخضرة.
قال : فلمّا رجعنا للانصراف ومررنا عليها ونزلنا تحتها فإذا كلّ طير على ظهر الأرض له فيها عشّ وفرخ ، ولها بعدد كلّ صنف من الطير أغصان كأعظم الأشجار على ظهور الأرضين.
قال : فما بقي طير إلاّ استقبله يمدّ بجناحه على رأسه.
قال : فسمعت صوتا من فوقها وهو يقول : ببركتك يا سيّد النبيّين والمرسلين قد صارت هذه الشجرة لنا مأوى. فهذا ما رأيت.
فضحكت قريش في وجهه وهم يقولون : أترى يطمع أبو طالب أن يكون ابن أخيه ملك هذا الزمان (١).
وبهذا الإسناد عن عبد الله بن محمّد ، قال : حدّثنا أبي ، عن الضحّاك بن عثمان ، عن يحيى بن عروة ، عن أبيه ، عن حكيم بن حزام ، قال : سمعت أبي يحكي عن أبي طالب قال : لمّا انصرفت من الشام وكان بيننا وبين مكّة منزل رأيت سحابة بيضاء جاءت حتى وقفت على رأس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي تنثر عليه أشياء والله ما أدري ما كانت ، لأنّه كان كلّما وقع عليه غاب ولا ندري أين ذهب ، فلم نزل معه لا نفارقه
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٥ ص ٣٥٧ ـ ٣٥٨ باب ٤ ح ١٤ نقلا عن كتاب العدد للشيخ الصدوق ( مخطوط ).