عبد المطّلب كفله عمه أبو طالب شقيق أبيه ، فلما اختصه الله عزّ وجلّ بالنبوة ، وابتعثه بالرسالة حماه أبو طالب ونصره ومنع منه من أراد أذاه ، وصدق رسول الله صلىاللهعليهوآله فيما جاء به من الرسالة والنبوة ، وعنف من دفع ذلك وكذبه ، إلا أنه لم يظهر الإسلام (١) وكان ذلك أنفع لرسول الله صلىاللهعليهوآله لأنه كان سيدا مطاعا في قومه ، فلو أسلم لكان كرجل من المسلمين ، ولم يبلغ من الذبّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ما بلغ وهو على حالته ، ولم يكن يتحاماه المشركون فيه كما تحاموه ، وكان ذلك من صنع الله عزّ وجلّ لرسوله صلىاللهعليهوآله ، وله في نصرة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والذبّ عنه ، والمحاماة عنه من دونه ما يخرج ذكره بطوله عن حدّ هذا الكتاب ، وله في ذلك أشعار كثيرة معروفة يستدعي فيها قبائل العرب لنصرة رسول الله صلىاللهعليهوآله ويؤكد فيها فضله وصدقه وأمر ابنيه عليا وجعفر باتباعه ، ورغبهما في ذلك ، وأقرّ بنبوة محمد صلىاللهعليهوآله ، وذكر ذلك في غير موضع من شعره. فمنه
__________________
(١) روى محمد بن ادريس ، عن الصادق عليهالسلام عن آبائه ، عن علي عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هبط عليّ جبرائيل ، فقال لي : يا محمد إن الله عزّ وجلّ مشفعك في ستة بطن حملتك آمنة بنت وهب وصلب أنزلك عبد الله بن عبد المطلب وحجر كفلك أبو طالب ( الحجة على الذاهب ص ٤٨ ) :
وروى عن الصادق عليهالسلام أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إن أصحاب الكهف أسرّوا الايمان وأظهروا الكفر فأتاهم الله أجرهم مرتين ، وأبا طالب أسرّ الايمان وأظهر الشرك فأتاه الله أجره مرتين ( شرح النهج لابن أبي الحديد ١٤ / ٧٠ ).
وعن الشعبي مرفوعا ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام : كان والله أبو طالب بن عبد المطلب مؤمنا مسلما يكتم ايمانه على بني هاشم ان تساندها قريش ( بحار الانوار ٣٥ / ١١٢ ).
وعن أبي علي الموضح ، انه قال : تواترت الاخبار عن علي بن الحسين عليهالسلام أنه سئل عن أبي طالب أكان مؤمنا؟ فقال عليهالسلام : نعم. فقيل له : إن قوما هاهنا يزعمون أنه كافر. فقال عليهالسلام : واعجباه أيطعنون على علي بن أبي طالب أو على رسول الله. وقد نهى الله أن يقرّ مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن ولا يشك أحد أن فاطمة بنت أسد رضي الله عنها من المؤمنات الصادقات ، فانها لم تزل تحت أبي طالب حتى مات أبو طالب ( بحار الانوار ٣٥ / ١١٢ ).