بن علي ( وعلو ذكره فيهم حسده ) وقال له : مالك لا تقوم وتدعو الناس الى القيام معك؟ فأعرض عنه وقال عليهالسلام له : لهذا وقت لا نتعداه. فدعا الى نفسه ، وقال له : انما الامام منا من أظهر سيفه ، وقام يطلب حق آل محمد لا من أرخى عليه سترا وجلس في بيته. وأوهم الشيعة أنه انما قام بأمر أخيه ، فأجابه جماعة منهم ، وأظهر نفسه.
فقال أبو جعفر : يا زيد إن مثل القائم من أهل هذا البيت قبل قيام مهديهم مثل فرخ نهض من عشه من قبل أن يستوي جناحاه ، فاذا فعل ذلك سقط فأخذه الصبيان يتلاعبون به (١) ، فاتق الله في نفسك أن لا تكون غدا المصلوب بالكناسة. فلم يلتفت الى قوله ، فأظهر البراءة منه ، فلما أحسّ الشيعة ، توقف كثير من كان انتدب للقيام معه.
[١١٩٧] وجاء بعضهم (٢) ، فقال له : هذا الذي تدعونا إليه عندك فيه
__________________
(١) وفي اصول الكافي ٨ / ٢٦٤ ، عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن رفعة ... الخبر ، وذكر قسما من الخبر ابن شهرآشوب في المناقب ١ / ١٨٨ و ٢٦٠.
أقول : إن هذا لا يفيدنا وقفة في زيد بعد انقطاع الخبر عن الاسناد ومن المحتمل أن الامام عليهالسلام لم يكن بصدد بيان حرمة الخروج وانما هو بصدد تعريف زيد بخفايا الحوادث وما قدره الله تعالى وانقضاء دولة الباطل حيث جعل لها حدا محدودا وأمدا تنتهي إليه أسرار منها امتحان الخلق ، واختبار مقدار دولة الباطل حيث جعل لها حدا محدودا وأمدا تنتهي إليه أسرار منها امتحان الخلق ، واختبار مقدار طاعتهم له ، فما لم يبلغ الكتاب أجله لا تزول تلك الدولة الغاشمة ، ولا ينتصر حزب الله إلا بعد تكامل جميع العوامل المؤثرة في الانتصار. فعليه يكون كلامه عليهالسلام جاريا مجرى الشفقة على تلك النفس الطاهرة من أن تنالها يد السوء والعدوان. فالمراد من قوله عليهالسلام « فاتق الله في نفسك أن لا تكون غدا المصلوب بالكناسة » بيان الخوف من القتل ، فيذهب ذلك الدم الزاكي ضياعا. وهذا نظير ما جاء في بعض الأخبار من قول الباقر عليهالسلام حين استشاره زيد على الخروج ، فقال : لا تفعل أن تكون المقتول والمصلوب على ظهر الكوفة. فان النهي فيه للشفقة. وبعبارة اخرى هو نهي إرشادي لا نهي تحريمي ( بعنوان أنه حكم تكليفي ) وبهذا يتضح أن تهجم المؤلف على زيد رحمة الله عليه في غير مورده.
(٢) قال أبو مالك الأحمسي : إنه صاحب الطاق وهو محمد بن النعمان بن أبي طريقة الملقب بأبي جعفر الاحول.