عهد من أبيك أو من وصية أوصى بها إليك؟
قال [ زيد ] : لا.
فقال : فإن أخاك أبا جعفر يذكر إن أباه عهد إليه عهده ، وأوصى إليه وعرفنا من أشهده علينا من ثقات أوليائه.
قال [ زيد ] : معاذ الله فلو كان ذلك لأطلعني عليه ، والله لقد كان ربما ينفض المخ من العظام ليطعمني اياه ، فما يضعه في فمي حتى يبرده ، فهو يتوقى عليّ من حرارة المخ ولا يتوقى عليّ من حرارة النار! ويطلع غيري على ذلك ويستره عني!
قال الرجل : نعم قد يكون ذلك ، وهذا كتاب الله يشهد به.
قال : وأين هذا من كتاب الله؟
قال : فيما حكاه الله تعالى عن يعقوب عن قوله ليوسف لما أخبره بما رآه وأعلمه أن الامر يصير إليه. فقال له : ( يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) (١) وأمره بكتمانه عنهم ، وأخبره بما يصير إليه من الامر ( وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ ) (٢) ولم يطلع اخوته على ذلك.
فافحم ولم يحر جوابا (٣).
__________________
(١) يوسف : ٥.
(٢) يوسف : ٦.
(٣) ذكر السيد علي بن الحسين بن شد قم ص ٧٤ : قال الحافظ علي بن محمد بن علي الخزاز القمي في كفاية الاثر : كان زيد بن علي عليهالسلام معروفا بالستر والصلاح مشهورا عند الخاص والعام وهو بالمحل الشريف الجليل ، وكان خروجه على سبيل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا على سبيل المخالفة لابن أخيه ( جعفر بن محمد ) ، وإنما وقع الخلاف من جهة الناس ، وذلك أن زيد بن علي عليهالسلام لما