قصر عنه ، وصغر الى جانبه ، وكذلك كان من صارت إليه الامامة من بعده الى اليوم ، قد أتاهم الله تعالى بالفضل والجمال والكمال.
ولقد حاول المهدي بالله في حين استتاره أن يخفي نفسه ويخملها فما قدر على ذلك ، وكان حيثما مرّ ورآه من يحصّل أمره ، يقول : والله ما هذا إلا ملك من الملوك ، وما هذا سوقة ولا تاجر كما يقول.
وكذلك حاول المنصور مرارا أن يخفي نفسه لبعض من أراد أن يسمع كلامه فتزيا بغير زيّه ، ولبس خلاف لباسه ، ودخل بين جماعة تقدم إليهم في اطراح اجلاله وتبجيله ، وأن يحلوه محل أحدهم. ففعلوا ، فما خفي على من رآه.
وفعل ذلك في بعض أسفاره ودخل الى بعض حصون المرابطين في بعض الأطراف ، وبها من لم يره قط ، فما خفي عنهم. وفعل مثل ذلك لما ظفر باللعين مخلد ، وصار في أسره. وبمعتد بن محمد بن جرز لما صار في الأسر إليه أيضا ، فما خفي عن واحد منهما بل عرفاه ، وما كانا قبل ذلك رأياه. والعرب تقول في مثل هذا في بعض امثالها : هيهات لا يخفى القمر.
[١٢٥٢] وروى عبد الله بن عمر ، وذلك مما آثره أو نقله عن رسوله الله صلىاللهعليهوآله ، قال :
يعطى المهدي قوة عشرة.
وكذلك كان المهدي قويا معروفا بذلك من حداثة سنّه.
[١٢٥٣] ومن حديث قتادة ، يرفعه الى النبي صلىاللهعليهوآله ، أنه قال :
المهدي أجلى الجبهة أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
وكذلك كانت صفة المهدي أقنى وأجلى ، وهاتان الصفتان من أحسن صفات الجباه والانوف ، وملأ عدله ما وصل إليه سلطانه من الأرض ، ويملأ باقيها من يأتي بعده.
وقيل لبعض الائمة الماضين : أنت المهدي؟