فيقول لهم ربهم : اني قد وضعت عنكم العبادة وأرحت أبدانكم فطال ما أنصبتم لي الابدان ، فالآن أفضتم الى روحي ورحمتي فاسألوني بما شئتم ، فلا يزال يا مقداد ممنونا عليهم في العطايا والمواهب حتى أن المقصّر من شيعة علي ليتمنى يومئذ في امنيته مثل جميع الدنيا مذ خلقها الله تعالى الى يوم القيامة.
فيقول لهم ربهم : لقد قصّرتم في أمانيكم ، ورضيتم بدون ما لحق لكم ، فانظروا الى مواهب ربكم.
فينظرون ، فاذا هم بقباب وقصور في أعلى علوّ ، من الياقوت الاحمر والجوهر الاخضر والابيض والاصفر يزهر نورها ، فلولا أنها مسخرة لم تكد الابصار أن تراها لشدة نورها ، فما كان منها من الياقوت الاحمر فهو مفروش بالسندس الاخضر ، وما كان منها من الياقوت الاصفر فهو مفروش بالرياض مشوب بالفضة البيضاء والذهب الاحمر ، قواعدها وأركانها من الجوهر ، يخرج من أبوابها وعرصتها (١) نور مثل شعاع الشمس ، وعلى كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتان فيهما عينان نضاختان ، فاذا أرادوا الانصراف الى منازلهم حولوا الى فرس من نور بأيدي ولدان مخلدين ، بيد كل واحد منهم حكمة (٢) فرس من تلك الافراس ، لجمها وأعينها من الفضة البيضاء والذهب الاحمر والجوهر ، فلما دخلوا منازلهم أتتهم الملائكة يهنئونهم بكرامة الله لهم ، حتى اذا استقروا قيل لهم : هل ( وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ) (٣).
__________________
(١) كذا ظاهر الكلمة.
(٢) حكمة الفرس : لجامه ( ط ).
(٣) الأعراف : ٣٣