جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١).
ومما يصور لنا عناية الشريعة بالإنسان في كل عصر ، أحكامها ، إذ توزعت على نوعين :
الأول : الأحكام الأوّلية ، وهي الأحكام التي لا يختلف فيها الإنسان في زمان دون زمان أو مكان دون آخر كوجوب العبادات من الصلاة والصيام والزكاة وغيرها. والحقوق وحرمة الجرائم التي تخصّ النفس أو العرض أو المال. لأن وجوب العدل وحرمة الظلم أمر ثابت في كل زمان ومكان لا يتغيّر أو يتبدّل.
الثاني : الأحكام الثانوية ، وهي التي جُعلت في الشريعة للحالات الاستثنائيّة التي تعرض على الفرد المسلم أو تطرأ على المجتمع الإسلامي حيث أوكل تشخيص الموضوع إلى الفرد في ما يخصّه وإلى الفقيه الجامع للشرائط فيما يتعلّق بالأمور العامّة.
والميزة الأُخرى للشريعة الإسلامية إنها تستند في وجودها إلى الله تعالى الذي هو الخالق للإنسان والعالم بكل مصالحه ومفاسده الحالية والمستقبلية في الدنيا والآخرة. وإلى ذلك أشار تعالى بقوله : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (٢) ، وهي بذلك تختلف عن القوانين البشرية المعرضة للخطأ دائماً. والواقع أثبت فشل تلك القوانين وتناقضها بل وأضرارها بالإنسان ومصالحه الواقعية. بخلاف الشريعة الغراء التي تعطي للإنسان الحلول المناسبة بما يضمن له
______________
(١) سورة الحج : ٢٢ / ٧٨.
(٢) سورة الملك : ٦٧ / ١٤.