بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمة المركز
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وآله الطيّبين الطاهرين.. وبعد.
اتّصفت أحكام الشريعة الإسلامية ـ زيادة على مرونتها وكمالها وصلاحيّتها لكلّ عصر وجيل ـ بصفات أهّلتها لأن تحتل أرفع المواقع بين التشريعات الأخرى سماوية كانت أو وضعية ، حيث أروت ضمأ الإنسان في جانبه الروحي من دون إرهاق أو رهبانية كما في العبادات ، وتلبية حاجاته وانتظام حياته في المعاملات ، وتشريع ما يناسب كلّ حالة ، مع لحاظ المؤثّرات الخارجية الطارئة على الحكم الشرعي وبيان التكليف عند وقوعها ، كالاضطرار ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ) ، والإكراه ( إلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيْمَانِ» و ( إلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ). كلّ هذا مع التأكيد على جانب اليسر وعدم العسر ( يُرِيْدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) ونفي الحرج والمشقّة ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّيْنِ مِنْ حَرَجٍ ) ، مع ربط أداء التكليف بالقدرة عليه والاستطاعة ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيْضا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ( وَلاَ عَلَى الْمَرِيْضِ حَرَجٌ ) ، ( وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيْلاً ) ( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ ) ، وهكذا لا تجد في شريعة الإسلام تكليفاً بما لا يطاق أبداً ( لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسا إلّا وُسْعَهَا ) ، و ( لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسا إلّا مَا آتَاهَا ) وكلّ هذا من رفق الشريعة بالإنسان وعلم المشرّع الأقدس بضعفه وتقلّبه من حال إلى حال ، ومن هنا جاءت أحكامه المقدّسة برمّتها سهلة سمحة ، وفي الحديث المشهور ، « أتيتكم بالشريعة السهلة السمحة ».
وقد
استمدّ الفقهاء من روح الشريعة الإسلامية قواعدهم الفقهية لتعبّر هي الأخرى عما اتّصفت به أحكام الشريعة من يسر وسهولة ، كقاعدة الحلّية ( كلّ شيء حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه ) ، وقاعدة الطهارة ( كلّ شيء طاهر حتى