تعلم أنّه قذر) ، وقاعدة الصحّة (كلّ شيء صحيح ـ من معاملة أو غيرها مما يتّصف بالصحّة والفساد ـ حتى يثبت فساده ) ، وقاعدة الفراغ والتجاوز في خصوص بعض موارد الشك في الصلاة ، وغيرها من القواعد الفقهية الأخرى التي انطلقت من إطار يُسْرِ التشريع وبيان روعة أحكامه.
ولأجل أن تصان أحكام الشريعة الغرّاء من الاختلاط بالبدع والأهواء ، ولأجل أن لا تقع الأمة فريسة الاختلاف والتباغض لابدّ وأن يكون للشريعة نفسها إسهام فاعل في تحديد المرجعية العلمية للأمّة بكلّ وضوح ودقّة ؛ لكي تُمَيّز وتُعرَف وتؤخذ منها معالم الدين نقيّةً صافية بعيدة عن الشُّبَه والأوهام وأضغاث الباطل ، وإلّا ستكون الشريعة نفسها قد أغرت ـ وحاشاها ـ بهذا الاختلاف الواسع الذي لا يعقل أن يكون من الدين لما فيه من تناقض وتضاد !
ومن هنا نجد القرآن الكريم قد حدّد تلك المرجعية وصفا ، والسنّة النبوية تشخيصا ، ولو لم يكن من السنّة إلاّ حديث الثقلين الشريف «كتاب الله وعترتي أهل بيتي » لكان كافياً في معرفة الْـمُـؤَمِّنِ الوحيد للنجاة وعدم الضلال إلى يوم القيامة ، بل لو لم يكن في السُّنَّة إلّا حديث السفينة لأوجب كلّ مسلم عاقل على نفسه دخولها خشية من الغرق ، وكفى بذلك حجّة لمن تمسّك بها ، والعقل يحكم بحسن عقاب العبد على تقدير مخالفتها ، وقبح عقابه على تقدير موافقتها حتى مع فرض عدم إصابته الواقع.
ومن
هنا تمسّك الشيعة بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله في بيان تلك الحجّة
بعده ، ولهم في وجوب التمسّك بها ما يشاطرهم بروايته وتصحيحه سائر المسلمين ، ومع هذا كلّه نرى فقهاءهم لا يأخذون بأي حكم سابق حتى ولو ادّعي اجماع الشيعة عليه ما لم يتأكّدوا بأنفسهم من سلامته ، إذ لابدّ عندهم من التدبّر والنظر في المنقول والمعقول بكلّ حكم شرعي ، ولهم في حال تطبيقه من لدن عامّة المذهب تقليد الفقيه الأعلم حتى مع فرض اكتفائه في مقام الفتوى بالإجمال الشرعي لو لم يتمّ العثور