على دليل الحكم تفصيلاً.
لقد مرّ الفقه الشيعي بعصور علمية مختلفة وبرزت في سمائه طاقات فقهية عملاقة عبّرت عن تطوّره ، ومن وجهة نظر مؤرّخي الفقه الشيعي عُدَّ الشيخ الطوسي ( ت / ٤٦٠ هـ ) الحدّ الفاصل بين العصر العلمي التمهيدي الذي شقّ طريقه فقهاء الغيبة الصغرى ( ٢٦٠ ـ ٣٢٩ هـ ) ، ومن جاء بعدهم ، والعصر العلمي الكامل الذي أصبح فيه للفقه دقّته وصناعته وذهنيّته العلمية الخاصّة ، إذ كان قبل عصر الشيخ مقتصرا في الغالب على أصول المسائل المعطاة في النصوص مباشرة ، وهو ما يسمى بالفقه الروائي في قبال الفقه المستنبط الذي شهد في زمان الشيخ ممارسات فقهية اشتملت على التفريع والتفصيل والمقارنة بين الأحكام وتطبيق القواعد العامّة ، مع تتبّع أحكام مختلف الحوادث والفروض على ضوء المعطيات المباشرة للنصوص والقواعد الأصولية الثابتة بعيدا عن القياس والاستحسان وما شابه ذلك.
وقد امتازت بعض الجهود الفقهية قبل زمان الشيخ بكثافتها ودقّتها ، كجهود ابن الجنيد ، وابن أبي عقيل ، والشيخ المفيد ، والسيد المرتضى مما مهّدت للشيخ الطوسي أن يؤسّس لممارسة فقهية من طراز رفيع.
ولعلّ ما ذكره الشيخ في ديباجة كتابه ( المبسوط ) يعدّ وثيقة تاريخية مهمّة تكشف للباحث عن هاتين المرحلتين العلميّتين في تاريخ الفقه الشيعي.
ومما ساعد على نموّ الفقه الشيعي وتطوّره ودقّة استنباطه وكثرة مدارسه الفقهية عبر التاريخ والتي لم تزل قائمة إلى اليوم هو فتح باب الاجتهاد.
ومن
مميّزات الفقه الشيعي أنّه لم يستمدّ فقهاء الشيعة دوافع البحث العلمي الفقهي من حاجات الجهاز الحاكم بل من حاجات الناس الذين آمنوا بإمامة أهل البيت عليهمالسلام ، حيث كانوا ولا زالوا
يرجعون إلى فقهاء مدرسة أهل البيت عليهمالسلام في معرفة أحكام الشريعة ، وبهذا توفّرت للفقه الشيعي عوامل النمو بحكم فتح باب