الاجتهاد أوّلاً ، وعلاقة الشيعة بفقهائهم ثانياً ، حيث كانت تلك العلاقة تشدّ الفقيه بقاعدته وتدفعه إلى معرفة حاجاتها المتزايدة ، ممّا أدّى هذا إلى أن تميّز الفكر الفقهي الشيعي بشموليّته وسعته بحيث لم يترك ملحظاً كلّياً أو جزئياً ـ له صلة بحياة الفرد أو المجتمع ـ إلّا وبيّن حكمه بمنتهى الدقّة والتفصيل ، وبحيويته المتجدّدة ، وتفاعله المستمر مع حياة الناس ، ولم يكن عقيماً جامداً لا يمتلك في ضوابطه وقوانينه ما يجعله قادراً على مواكبة العصر في موضوعاته المتنوّعة وحوادثه المستجدة. وهكذا استطاع الفقه الشيعي الوصول إلى ذروة النضج والكمال مع احتفاظ مدارسه كلها بالبنى الأساسية التي تحفظ للفقه مصادر استنباطه على الرغم من تجدّده على الدوام ، في حين توقّفت المدارس الفقهية الأخرى بعد أن شلّت السلطة حركتها بغلق باب الاجتهاد قبل أكثر من ألف عام !!
ويظهر ممّا قدّمناه أنّ كتاب ( لمحات في أحكام الشريعة الإسلامية ) لن يكون بديلاً عن الرسائل العملية المعاصرة بوجه من الوجوه ، وإن كان لا يختلف عنها إلّا من حيث ضغط العبارة واختصارها ووضوحها واختيار الأنسب فالأنسب وترك ما عداه ، مع اعتماد المتّفق عليه والمشهور بين فقهاء الشيعة ، وتسليط الضوء على أبرز مسائل الخلاف في الفقه الإسلامي بإطاره الواسع ، ومعالجتها بطريقة علمية موضوعية ، وهكذا استطاع هذا الكتاب أن يوضّح معالم الفقه الإسلامي على ضوء مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ويخرج من المسائل الحساسة بنتائج باهرة..
آملين أن يصل إلى أهدافه ، ويتوفّق في تحقيق غاياته.
وما التوفيق إلاّ من عند الله
مركز الرسالة