أشجارها الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله وامتدّت إلى الأئمّة الطاهرين من أهل البيت عليهمالسلام حيث رفدوا الشريعة بأحكام كثيرة وبلوروا أصولاً جديدة كانت سببا في امتداد التشريع وعدم انقطاعه برحيل النبي صلىاللهعليهوآله وبذلك تميّز فقه مدرسة أهل البيت عليهمالسلام عن باقي الاتجاهات الإسلامية الأُخرى التي توقّف مصدر التشريع عندهم بوفاة النبي صلىاللهعليهوآله الذي لم تسع حياته المباركة التي كانت زاخرة بالجهاد والدعوة إلى الله أن يغطي كل الموضوعات الموجودة في زمنه فضلاً عن الآتية بعده صلىاللهعليهوآله ، ومن أجل ذلك اقتضت الحكمة الإلهية أن يمتد خط الرسالة بكل تفاصيله ـ عدا الوحي ـ إلىٰ ذرّيته الطاهرين لتوكل إليهم مهمة إكمال ما بدأه النبي صلىاللهعليهوآله من تبليغ الأحكام وهداية الناس بعد أن أعطاهم الله عزّوجلّ كل ما يحتاجون إليه في هذا الدور من العلم والعصمة والقدرة الكبيرة ، وقد بين ذلك للأمة وأشار النبي صلىاللهعليهوآله إليهم بأسمائهم وأوصافهم ، وأمر باتّباعهم والتمسّك بعروتهم وركوب سفينتهم لأنهم عدل القرآن والثقل الآخر لطريق النجاة من الضلال والانحراف فقال صلىاللهعليهوآله في حديثه المتواتر : « إني مخلّف فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتىٰ يردا عليّ الحوض ». إلىٰ غير ذلك من النصوص التي طفحت بها كتب المسلمين وصحاحهم ، واستُدِلَّ بها في علم الكلام على إمامتهم وولايتهم.
ومن هنا احتضن فقهاء الإمامية فقههم عليهمالسلام ؛ لأنه فقه الإسلام بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنىٰ ، وما نريده هنا هو عرض الخطوط العريضة للفقه الإمامي بلمحات كلية ـ تاركين التفاصيل إلى الكتب الأخرىٰ في ذلك ـ في هذا الكتاب الصغير دون التعرّض للآراء والاجتهادات الخاصة وإنما اعتمدنا في هذا العرض علىٰ رأي المشهور من فقهاء الطائفة ، وأعرضنا عن التطرّق إلى المسائل التي لم يعد لموضوعاتها وجود في هذا الزمن كالعبيد والإماء وغيرها مع التأكيد على ان هذا البحث لا يكون بديلاً بوجه عن الرجوع إلى الرسائل العملية في مقام العمل ، ولا مُغْنِياً عن الكتب التفصيلية لمن يريد التعمّق في الفقه الإمامي وما توفيقي إلّا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب.