المتصلة بهذا العمل الإنساني النبيل ، أن لا تعتبر في القرض صيغة لفظية معينة ، فلو دفع شخصٌ مالاً إلى أحد بقصد القرض ، وأخذه المدفوع له بهذا القصد ، صح القرض. مع العلم بأن الدَّين مكروه مع القدرة ، ولكن يعتبر في القرض أن يكون المال عيناً ، فلو كان ديناً ، أو منفعة ، لم يصح القرض ، ويشترط أن يكون المال مما يصح تملكه ، فلا يصح اقراض الخمر أو الخنزير. وكذلك يعتبر فيه القبض ، فلا يملك المُسْتَقْرِض المال المُقْتَرض إلا بعد قبضه.
وليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين في أي وقت كان إذا كان الدين حالاً ، ويحرم اشتراط زيادة في القدر أو الصفة على المقترض ، ويحرم أخذها كذلك ؛ لأنها من الربا الذي حرمه الإسلام بكل صراحة وشدّة. وهذه الحرمة عامة للمقرِض أو لأي شخص ، بمعنى أن المقرِض لو شرط الزيادة لأجنبي فيحرم أخذها. أمّا إذا كان الشرط لصالح المقترِض لا المقرض ، كأن يقرضه عشرة دنانير بشرط أن يرجع له تسعة دنانير ، فهذه الصورة جائزة بلا إشكال (١).
ويجب على المدين أداء الدين فوراً عند مطالبة الدائن إن قدر عليه ، ولو ببيع سلعته وعقاره ، أو الاستقراض من شخص آخر ، وفي حالة عدم القدرة يجب السعي لذلك من خلال العمل أو غيره. ولكن في المقابل تحرم على الدائن مطالبة المدين إذا كان معسراً ، بل عليه الصبر والنظرة إلى ميسرة.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن يصحّ بيع الدين بمال موجود وإن كان أقلّ منه إذا كان من غير جنسه أو لم يكن ربوياً ، ولا يصح بيعه بدين مثله إذا كان ديناً قبل
______________
(١) شرائع الإسلام ٢ : ٣٢٤ ، قواعد الأحكام ١ : ١٥٥ ، مسالك الأفهام ٣ : ٤٣٩.