اعتبار الظن الشخصي بالفراغ والمطابقة فضلاً عن الظن النوعي بالفراغ.
وأمّا الوجه الثالث فلأنه مبني على إرادة الفراغ عن العمل الصحيح والأمر حينئذ كما أُفيد ، إلاّ أنه ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن المراد بالفراغ هو الفراغ الحقيقي بحسب الصدق العرفي ولكن متعلقه ليس هو العمل الصحيح بل ذات العمل الأعم من الصحيح والفاسد ، إذ لا معنى للشك في الصحّة مع الفراغ عن العمل الصحيح ، وعليه فلا وجه لدعوى اعتبار الفراغ الاعتقادي ، بل المدار على تحقق الفراغ الحقيقي بحسب الصدق العرفي عن ذات العمل الذي لا يدري أنه وقع صحيحاً أم فاسداً.
فكلّما علم بأنه فرغ حقيقة عن ذات العمل ، كما إذا دخل في حالة اخرى غير حالة الوضوء وصدق عليه الفراغ والتجاوز عرفاً ، إما لأنه أتى بالجزء الأخير وشك في الأجزاء السابقة عليه ، لأنّ الإتيان بالجزء الأخير في مثل الوضوء والصلاة وغيرهما موجب لصدق المضي والتجاوز عن العمل ، وإما لعدم إمكان التدارك لفوات الموالاة لأنه أيضاً محقق لصدق المضي والتجاوز والفراغ عرفاً كما مرّ في الصورة الأُولى والثانية ، أمكن التمسّك بالقاعدة.
وأمّا إذا كان التدارك ممكناً لعدم فوات الموالاة ، ولم يحرز الإتيان بالجزء الأخير بل شك في أنه أتى به أم لا ، فلا يمكن إحراز الفراغ ، لأنه حال شكّه لا يدري أنه في حالة اخرى غير حالة الوضوء أو أنه في حالة الوضوء ، حيث إنه إذا لم يكن آتياً بالجزء الأخير فهو في حالة الوضوء لعدم فوات الموالاة وإن أتى به واقعاً فهو في حالة اخرى وقد تحقق الفراغ. ومع الشك في التجاوز والفراغ لا يمكن التمسّك بقاعدة الفراغ ، لأنه شبهة مصداقية للقاعدة ، ولا يمكن إجراؤها فيها ولو قلنا بجواز التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة ، وذلك لأنه إنما هو في الشبهة المصداقية للمخصص المنفصل ، وأما الشبهة المصداقيّة للمخصص المتصل فلم يقل أحد بجواز التمسّك فيها بالعام والأمر في المقام كذلك ، لأن القاعدة مقيّدة بالتجاوز والفراغ من الابتداء وهما مشكوكان على الفرض ومعه لا مجرى للقاعدة كما مر ، بل مقتضى الاستصحاب حينئذ أنه لم ينتقل من حالته الأوليّة إلى غيرها وأنه لم يفرغ من عمله ، ومقتضى ذلك وجوب الاعتناء