فأداء الغرامة معاوضة بالسيرة الثابتة عند العقلاء والمواد منتقلة إلى ملك المتلف بأداء الغرامة.
ومفروض كلام الماتن إنما هو ما إذا أتلف مال الغير وجعله جبيرة وأسقطه من قبل أن يؤدي عوضه فهل يجوز له المسح عليها أو لا يجوز ، لا أن محل كلامه في جواز المسح وعدمه بعد أداء الغرامة والعوض ، وذلك لقوله : ( يجوز المسح عليه وعليه العوض ) ولا معنى له مع أدائه فالكلام إنما هو قبل ردّ العوض ، وقد عرفت أن الإتلاف قبل ردّ العوض مما لم يلتزم أحد بكونه موجباً لانتقال المال إلى متلفه.
فالصحيح أن المسألة مبتنية على أمر آخر وهو أن الأدلّة الدالّة على حرمة التصرف في مال الغير مختصّة بما إذا كان مورد التصرف مالاً لغير المتصرف أو أنها تعمه وما إذا كان ملكاً أو مورد حق لغيره وإن لم يكن مالاً ، فإن المال إذا خرج بالتصرف عن المالية قد يكون ملكاً لمالكه كما في القطعات المكسورة في الكوز وقد لا يكون ملكاً أيضاً كما إذا قتل حيوان أحدٍ ، فإن الميتة ليست بملك وإنما تكون مورداً للحق أي لحق مالكه السابق ، فهل تشمل أدلّة حرمة التصرف لهاتين الصورتين أو تختص بما إذا كان مورد التصرّف مالاً فقط؟
ومقتضى فتوى الماتن أن الصحيح عنده الاختصاص وعدم شمول الأدلّة لما إذا كان مورد التصرّف ملكاً أو حقاً لغيره. وهذا هو الذي تقتضيه الروايتان المستدل بهما على حرمة التصرّف في مال الغير من غير إذنه ، أعني قوله عليهالسلام : لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ بطيبة نفسه (١) وقوله : لا يجوز التصرّف في مال الغير إلاّ بإذنه (٢)
__________________
(١) وهي صحيحة زيد الشحام عن أبي عبد الله عليهالسلام إن رسول الله صلىاللهعليهوآله وقف بمنى ... : إلى أن قال : فإنه لا يحلّ دم امرئ مسلم ولا ماله إلاّ بطيبة نفسه ... الوسائل ٢٩ : ١٠ / أبواب القصاص في النفس ب ١ ح ٣. وروى عنه في كتاب تحف العقول [ ص ٣٤ ] بدون لفظ دم بل فيه : مال امرئ مسلم.
(٢) الوسائل ٩ : ٥٤٠ / أبواب الأنفال وما يختص بالإمام عليهالسلام ب ٣ ح ٧. فان فيه : فلا يحل لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه ، فكيف يحل ذلك في مالنا ، إلخ.