وفي قبال ذلك رواية محمّد بن عذافر ، قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام متى يجب على الرجل والمرأة الغسل؟ فقال : يجب عليهما الغسل حين يدخله ، وإذا التقى الختانان فيغسلان فرجهما » (١) وقد رواها في الوسائل عن محمّد بن إدريس في آخر السرائر عن كتاب محمّد بن علي بن محبوب (٢). ومقتضاها أن الغسل إنما يجب بالإنزال ، وأمّا الجماع المعبر عنه بالتقاء الختانين فهو إنما يوجب غسل الفرجين ولا يوجب الاغتسال.
ولكن الظاهر عدم معارضتها مع الصحاح المتقدِّمة لأنها مطلقة ، حيث نفت وجوب الاغتسال ودلّت على وجوب الغَسل بالالتقاء الأعم من الالتقاء الخارجي والداخلي ، والصحاح المتقدّمة مقيّدة وقد دلّت على وجوب الاغتسال بالالتقاء الداخلي المفسر بغيبوبة الحشفة كما في صحيحة ابن بزيع المتقدِّمة ، فتحمل هذه الرواية على ما إذا كان الالتقاء خارجياً بغير الغيبوبة. هذا أوّلاً.
وثانياً : لو سلمنا أنهما متعارضتان فلا يمكننا رفع اليد عن الصحاح المتقدّمة بهذه الرواية لأنها نادرة وتلك مشهورة ، بل لا يبعد دعوى تواترها الإجمالي والقطع بصدور بعضها عنهم عليهمالسلام ، وعند المعارضة يترك الشاذ النادر ويؤخذ بالمجمع عليه بين الأصحاب ، وهذا لا للرواية الآمرة بالأخذ بالمجمع عليها وأنه مما لا ريب فيه (٣) لأنها ضعيفة ، بل لما حقّقناه في محلِّه من أن الرواية إذا كانت مقطوعة السند لا يمكن رفع اليد عنها بالرواية النادرة (٤).
وثالثاً : لو أغمضنا عن ذلك أيضاً فالصحاح المتقدّمة موافقة للكتاب الذي أمرنا بالتيمم بدلاً عن الغسل فيما إذا تحققت الملامسة ولم يوجد الماء ، والرواية غير موافقة
__________________
(١) الوسائل ٢ : ١٨٥ / أبواب الجنابة ب ٦ ح ٩.
(٢) السرائر ٣ : ٦٠٩.
(٣) ورد ذلك في روايتين وهما : مقبولة عمر بن حنظلة ومرفوعة زرارة ، الوسائل ٢٧ : ١٠٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١. والمستدرك ١٧ : ٣٠٣ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢.
(٤) مصباح الأُصول ٣ : ٤١٣ ٤٢١.