ثمّ نقل عن الشيخ قدسسره (١) أنه في مقام الجمع بين هاتين الموثقتين وبين ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : « عن الرجل يصيب في ثوبه منياً ولم يعلم أنه احتلم ، قال : ليغسل ما وجد بثوبه وليتوضأ » (٢) حمل الأخيرة على ما إذا شاركه في الثوب غيره جمعاً بين الروايات ، وعقبه بأن الأقرب في الجمع بين الموثقتين وهذه الرواية حمل الموثقتين على من وجد المني بعد النوم بغير فصل مدّة بحيث يحصل له العلم أو الظن الغالب باستناد المني إليه لا إلى غيره ، وحمل الرواية على وجدانه المني في الثوب في الجملة من غير تعقبه للنوم على الوجه المتقدِّم (٣).
ولا يخفى أن واجد المني في ثوبه بحسب الأغلب عالم بأنه منه ، ومعه يجب عليه الغسل وقضاء الصلوات التي علم بإتيانها بعد خروجه كما ذكره الماتن قدسسره وأما إذا لم يحصل له القطع بذلك واحتمل أنه من غيره فلا موجب وقتئذ للحكم عليه بوجوب الاغتسال ، والأصل يقتضي عدم خروج المني منه. والعلم الإجمالي بجنابته أو غيره غير منجز إلاّ أن يكون الطرف الآخر مورداً لابتلائه كما عرفت ، وأما مع عدم كونه مورداً للابتلاء فلا موجب عليه للاغتسال.
والاستدلال على وجوب الغسل في تلك الصورة بالموثقتين بمكان من الغرابة ، لأن السؤال فيهما ليس عن وجدان المني في الثوب مع احتمال كونه مستنداً إلى الغير ، وإنما السؤال فيهما عن أن خروج المني باستقلاله موجب للغسل أو لا بدّ من أن يرى النائم في منامه أنه قد احتلم حتى يجب عليه الغسل. وبعبارة اخرى : أن سماعة احتمل أن يكون للرؤية في المنام موضوعية في وجوب الغسل وأجابه الإمام بأن الموضوع في ذلك مجرد خروج المني رأى في المنام احتلامه أو لم يره ، وبذلك يرتفع التنافي بينهما وبين ما رواه أبو بصير فلا حاجة إلى ما ذكره الشيخ أو صاحب الحدائق قدسسره فإنه ليس من الجمع العرفي بينهما ، بل الصحيح في الجمع بينهما ما ذكرناه من أن
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٦٨.
(٢) الوسائل ٢ : ١٩٨ / أبواب الجنابة ب ١٠ ح ٣.
(٣) الحدائق ٣ : ٢٢ / المسألة الرابعة.