البشارة إنّما هي لقبول التوبة بعد الذنب ، لا للذنب في مقابل العبادة التي فيها عجب والرواية إنّما تدل على ما قدمناه من أن الثواب والأجر تفضل منه سبحانه وليس باستحقاق منهم للثواب ، كيف وقال سبحانه ( وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً ) (١) لأنه إذا أعجبته عبادته فحاسبه الله سبحانه على أعماله لم يخلص أحد من حسابه جلت عظمته وهلك ، فان الإعجاب قد يبلغ بالإنسان إلى تلك المرتبة فيمنّ بعمله على الله ويحاسبه الله سبحانه على ما عمل وتصبح نتيجته الخسران والهلاكة.
ومنها : ما عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « ثلاث قاصمات الظهر رجل استكثر عمله ، ونسي ذنوبه ، وأعجب برأيه » (٢) وهي على تقدير تمامية سندها أجنبية عما نحن بصدده رأساً ، لأن الكلام في إعجاب المرء بعمله ، وأما الإعجاب برأيه وعقله وحسبان إنه أعقل الناس فهو أمر آخر لا كلام لنا فيه ، ولا إشكال في أنه من المهلكات لأنه إذا رأى نفسه أعقل الناس وترك مشاورتهم واستقلّ في أعماله برأيه فلا محالة يقع في المهلكة والخسران. ثمّ على تقدير إرادة العمل من الرأي لا دلالة لها على بطلان العبادة بالعجب ، لأنها إنما دلّت على أن العجب قاصم للظهر لما يترتب عليه من المفاسد والمخاطر من تحقير عمل غيره والغرور والكبر ، بل وتحقير الله سبحانه بالمن بعبادته ، وأما أنه يوجب بطلان العمل المقارن به أيضاً فلا يستفاد منها بوجه.
ومنها : ما عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إن الرجل ليذنب الذنب فيندم عليه ويعمل العمل فيسره ذلك فيتراخى عن حاله تلك فلإن يكون على حاله تلك خير له ممّا دخل فيه » (٣) ، ولا بأس بها سنداً ، وأما من حيث الدلالة فلا يستفاد منها بطلان العبادة بالعجب ، وأما كون حالة التندم خيراً من
__________________
(١) النور ٢٤ : ٢١.
(٢) الوسائل ١ : ٩٧ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٢ ح ٦.
(٣) الوسائل ١ : ٩٩ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٣ ح ٤.