الطواف الملازم لاعتبار عدم الجنابة ، إذ لا وضوء للجنب لأجل اعتباره في جزء الطواف الذي هو صلاته ، فدلّتنا على سراية حكم الجزء إلى كلّه. ومنها : غير ذلك من الأخبار (١).
الجهة الثانية : في اعتبار عدم الجنابة في الطواف المندوب وعدمه إذا دخل المسجد الحرام نسياناً وغفلة أو أنه أُجبر على الدخول فيه بحيث لم يتمكن من الخروج عنه ، وبالجملة لم يكن الدخول فيه ممنوعاً في حقّه فهل يشترط في طوافه المندوب عدم الجنابة؟ المشهور بينهم عدم اشتراط الطّهارة من الحدث الأكبر في الطواف المندوب. وقد يستدلّ عليه بأن الأصل عدم الاشتراط. وفيه ما ذكرناه غير مرّة من أن البراءة غير جارية في المستحبات ، وإنما تجري في الأحكام الإلزامية فحسب ، وذلك لأن الرفع في مقابل الوضع أعني وضع إيجاب التحفظ والاحتياط ، والمستحبات لا يجب فيها التحفظ والاحتياط بالبداهة حتى ترفع بالبراءة هذا. مضافاً إلى أنه لا معنى للتمسك بالأصل العملي مع وجود الدليل الاجتهادي في المسألة ، فإن الإطلاق في صحيحة علي بن جعفر المتقدِّمة يكفي في الحكم باعتبار عدم الجنابة في الطواف المندوب لعدم قرينة فيها على الاختصاص بالطواف الواجب.
فالصحيح في الحكم بعدم اشتراط الطواف المندوب بالطّهارة من الحدث الأكبر أن يستدلّ بما قدّمناه من صحيحة علاء عن محمّد بن مسلم (٢) لأنها فصّلت بين الطواف الواجب والتطوّع ، حيث أوجب الإعادة في الأوّل إذا كان لا عن وضوء ولم يوجب ذلك في التطوّع ، بل أوجب فيه الوضوء للصلاة فقط ، وقد أسلفنا أن المراد من اشتراط الطواف الواجب بالوضوء هو اشتراطه بكل من الغسل والوضوء بقرينة عمومية السؤال ، وإنما خص الجواب بالوضوء لأنه الفرد الغالبي. على أن الاشتراط بالوضوء يستدعي الاشتراط بالغسل أيضاً. وكيف كان ، فقد دلّتنا الصحيحة على أنّ
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ٣٧٤ / أبواب الطواف ب ٣٨ ح ٢ ، ٥ ، ٦ ، ٨ ، ١١.
(٢) تقدّم ذكرها في ص ٢٨٦.