مسلم دخوله المسجد اجتيازاً ، بأن يدخل من باب ويخرج من باب آخر على وجه يصدق أنه جعل المسجد طريقاً ، فلا يجوز أن يدخل من باب واحد ويخرج منه بعينه أو يخرج من باب آخر على يمينه أو شماله حيث لا يصدق معه الاجتياز وجعل المسجد طريقاً ، قالا قلنا له : الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال : الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلاّ مجتازين إن الله تبارك وتعالى يقول ( وَلا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) (١).
وفي جملة من الروايات الواردة استثني عنوان المرور كما في صحيحة جميل ، قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال : لا ، ولكن يمرّ فيها كلها إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول صلىاللهعليهوآله » (٢) حيث استثنت مرور الجنب في مقابل الجلوس في المسجد ، وكذا في غيرها من الأخبار (٣) الواردة في المسألة.
ولا يبعد أن يكون المرور متحداً مع الاجتياز فلا يصدق المرور من المسجد إلاّ بجعله طريقاً ودخوله من باب وخروجه من باب آخر في مقابله ، وأما إذا دخل من باب واحد وخرج منه أو مما بيمينه أو يساره فلا يصدق عليه المرور والاجتياز.
وفي رواية واحدة استثني عنوان المشي في المسجد في مقابل الجلوس فيه وهي رواية جميل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « للجنب أن يمشي في المساجد كلّها ولا يجلس فيها إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول صلىاللهعليهوآله » (٤) والمشي غير الاجتياز والمرور ، فهذه الرواية معارضة للأخبار المتقدّمة إلاّ أنها ضعيفة السند بسهل بن زياد لعدم ثبوت وثاقته. على أنها لو كانت تامّة سنداً أيضاً لم تنهض في مقابل الأخبار المستثنية بعنوان الاجتياز والمرور ، وذلك لأن النسبة بين الروايتين المتعارضتين عموم من وجه ، وذلك لأن إحداهما تدلّ على حرمة الدخول بغير
__________________
(١) تقدّم ذكرها في ص ٣١٣.
(٢) ، (٣) تقدّم ذكرهما في ص ٣١١ ٣١٢.
(٤) الوسائل ٢ : ٢٠٦ / أبواب الجنابة ب ١٥ ح ٤.