جهة كيفية التصرّف مع العلم بالموقوف عليه كما إذا شكّ في أن الوقف وقف للانتفاع به في جهة معيّنة أو في جميع الجهات ، فهل يجوز التصرّف فيه في غير المقدار المتيقن أو لا يجوز؟ فنقول :
إنّ الإطلاق والتقييد المعبر عنهما بالسعة والضيق بحسب مقام الدلالة والإثبات من قبيل العدم والملكة ، حيث إن الإطلاق ليس إلاّ عدم التقييد بخصوصية في مقام البيان ، وعليه فلو شك في أن الواقف هل جعله وقفاً موسعاً أو مضيقاً وكان في مقام البيان ولم يأت بقيد يدلّ على كونه وقفاً لجهة معيّنة ، فيمكننا التمسك بإطلاق كلامه بمقدّمات الحكمة والحكم بأن الوقف مطلق حتى في مقام الثبوت لاستكشافه من الإطلاق في مقام الإثبات. وأما إذا لم يكن هناك إطلاق ليتمسك به وشكّ في سعة الوقف وضيقه فلا مناص من الاقتصار على المقدار المتيقن ، وذلك لأن التقابل بين الإطلاق والتقييد في مقام الثبوت تقابل التضاد ، لأن الإطلاق عبارة عن لحاظ العموم والسريان وعدم مدخلية شيء من الخصوصيات في الموضوع ، والتقييد هو لحاظ الخصوصية ومدخليتها في الموضوع ، فإذا شككنا في أن الواقف لاحظ السريان في وقفه أو لاحظ الخصوصية المعيّنة فأصالة عدم لحاظه العموم والسريان يمنع عن الحكم بعموم الوقف وشموله للجميع.
ولا يعارضه أصالة عدم لحاظ الخصوصية إذ لا أثر لها ، حيث إن عموم الوقف مترتب على لحاظ السريان لا على عدم لحاظ الخصوصية ، فاستصحاب عدم لحاظ الخصوصية لإثبات أنه لاحظ العموم والسريان إثبات لأحد الضدين بنفي الضد الآخر وهو من أظهر أنحاء الأُصول المثبتة.
وعليه فلو لم يكن هناك إطلاق أو أمارة على جواز التصرف في الوقف في غير المقدار المتيقن لا يحكم بجوازه ، كما إذا شك غير أهل المدرسة في جواز تصرّفاته في ماء حوضها بالاغتسال فان مقتضى أصالة عدم لحاظ العموم والسريان في وقفه عدم كون الوقف عاما شاملاً له ، بل مقتضى أصالة الاشتغال أو استصحابه بطلان وضوئه. ومن ذلك القبيل ما إذا علمنا بوقفية لحاف مثلاً وشككنا في أنه وقف للتصرّف فيه في جهة معيّنة كالتغطية به لبرد ونحو برد أو أنه موقوف لمطلق التصرّفات حتى جعله