قصد تلك الغايات في صحّته.
وثالثة يكون كل واحدة من الغايات جزءاً من الداعي للوضوء ، بحيث لا استقلال في الداعوية لشيء منها في نفسها ، وإنما الداعي له هو مجموع هذه الغايات الواجبة أو المستحبّة على نحو الاجتماع ، فهل يقع الوضوء حينئذ امتثالاً للجميع في نفسها؟ قد يستشكل في ذلك نظراً إلى أن مجموع هذه الغايات المتكثرة ليس متعلقاً للأمر بالوضوء ، إذ لا وجود خارجي له حقيقة وإنما هو أمر ينتزع عن وجود كل واحدة منها في الخارج ، وحيث إن الأمر المتعلق بكل واحدة منها بالخصوص لم يكن داعياً للمكلف على الفرض لأنه لم يأت بالوضوء بداعي التوصل إلى غاية معيّنة ، فلم يأت به المكلّف بداعي الأمر الشرعي المتعلق به ومعه لا مناص من الحكم ببطلانه.
إلاّ أن الصحيح أن الوضوء في مفروض المسألة يقع امتثالاً للجميع ، وذلك لأن عبادية الوضوء غير ناشئة عن الأمر الغيري المتعلق به ولا من جهة قصد شيء من غاياته ، بل إنما عباديته تنشأ عن الأمر النفسي المترتب عليه نظير بقيّة العبادات فهو عبادة وقعت مقدّمة لعبادة اخرى ، وعليه فلا يعتبر في صحّته قصد أمره الغيري ولا قصد شيء من غاياته ، نعم لا يعتبر في صحّته أيضاً أن يؤتى به بقصد الأمر النفسي المتعلق به ، بل إن أكثر العوام لا يلتفت إلى أن له أمراً نفسياً بوجه ، بل يقع صحيحاً فيما إذا أتى به مضافاً إلى الله سبحانه نحو إضافة ، وهذا يتحقق بقصد التوصل به إلى شيء من غاياته ، لأنه أيضاً نحو إضافة له إلى الله سبحانه ، فعلى هذا إذا أتى بالوضوء بداعي مجموع غاياته حكم بصحّته ، لأنه أتى بذات العمل وأضافه إلى الله تعالى حيث قصد به التوصل إلى مجموع الغايات المترتبة عليه وهو نحو إضافة له إلى الله فلا محالة يحكم بصحّته.
ولا يقاس المقام بالضمائم الراجحة ، حيث قدّمنا أنّ العبادة إذا صدرت بداعي مجموع الأمر الإلهي والضميمة الراجحة ولم يكن كل واحد منهما أو خصوص الأمر الإلهي داعياً مستقلا في دعوته وقعت باطلة ، من جهة عدم صدورها عن الداعي