الاستصحاب للجهل بحالته السابقة ، حيث إن الاستصحاب لا يجري في حدثه المعلوم في أوّل الصبح لعدم جريانه في أطراف العلم الإجمالي ، ولا في طهارته للجهل بحالته السابقة. فلا تنحصر صورة وجوب الوضوء مع الجهل بالحالة السابقة بمورد تعاقب الحالتين.
بل لو فرضنا الكلام في الغسل لوجدنا له مورداً ثالثاً أيضاً ، وهو ما إذا علم بحدثه الأصغر تفصيلاً ثمّ علم إجمالاً بأنه إما توضأ وإما جامع ، فحصل له العلم التفصيلي بارتفاع حدثه الأصغر أما بالوضوء وإما بالجنابة ووجب عليه الغسل بقاعدة الاشتغال ، فإنه إذا شك في طهارته حينئذ لا يجري في حقه الاستصحاب للجهل بحالته السابقة وأنها هي الوضوء أو الجماع ، فالجامع في جميع الموارد هو الجهل بالحالة السابقة والحكم بالوضوء بقاعدة الاشتغال فهناك صورتان للبحث :
إحداهما : ما إذا حكم عليه بالوضوء بالاستصحاب للعلم بالحالة السابقة وهي الحدث إلاّ أنه نسي أو غفل فصلّى والتفت بعد الصلاة إلى حدثه الاستصحابي قبلها فقد عرفت أن الماتن لم يتأمل فيها في الحكم بوجوب الإعادة أو القضاء.
وثانيتهما : ما إذا حكم عليه بالوضوء بقاعدة الاشتغال للجهل بالحالة السابقة ولكنه غفل أو نسي فدخل في الصلاة ثمّ بعدها التفت إلى أنه كان محكوماً عليه بالوضوء بقاعدة الاشتغال ، فقد ذكر الماتن في هذه الصورة أنه يمكن أن يقال بصحّة صلاته بقاعدة الفراغ ، لكنّه مشكل فالأحوط الإعادة أو القضاء في هذه الصورة أيضاً.
فالكلام في أنه في الصورة الثانية هل تجب عليه الإعادة أو القضاء أو يحكم بصحّة صلاته بقاعدة الفراغ. ولا بدّ في توضيح ذلك من ملاحظة أن حكمهم بوجوب الإعادة أو القضاء في الصورة الأُولى بأي ملاك ، فلقد ذكروا أن الوجه في وجوبها حينئذ أن قاعدة الفراغ إنما تكون حاكمة على الاستصحاب الجاري بعد العمل لأنها واردة في مورده دائماً أو غالباً ، إلاّ أنها غير حاكمة على الاستصحاب الجاري قبل