ذلك من مشيئة الله فنسخها فأنزل الله بالمدينة : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا . . إلى آخر الآية ، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها وأوجب لهم خلود الأبد . وقوله وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا . . الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها فأنزل بالمدينة : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ . . إلى قوله ظلاً ظليلاً ، فأوجب لهم خلود الأبد .
ـ الأحكام في الحلال والحرام ج ١ ص ٣٥
وأن من دخل الجنة أو النار من الأبرار والفجار فإنه غير خارج من أيهما ، صار إليها وحل بفعله فيها أبد الأبد ، لا ما يقول الجاهلون من خروج المعذبين من العذاب المهين إلى دار المتقين ومحل المؤمنين ، وفي ذلك ما يقول رب العالمين : خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ، ويقول عز وجل : يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ . ففي كل ذلك يخبر أن كل من دخل النار فهو مقيم فيها ، غير خارج منها من بعد مصيره إليها ، فنعوذ بالله من الجهل والعمى .
سبب خلود أهل النار فيها
ـ الكافي ج ٢ ص ٨٥
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن أحمد بن يونس ، عن أبي هاشم قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنما خلد أهل النار في النار ، لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبداً ، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً ، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ، ثم تلا قوله تعالى : قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ ، قال على نيته . ورواه الصدوق في الهداية ص ١٢ وفي علل الشرائع ج ٢ ص ٥٢٣ والعياشي في تفسيره ج ٢ ص ٣١٦ والبرقي في المحاسن ج ٢ ص ٣٦