البتة ، لا بطريق الوجوب على الله تعالى ، بل مقتضى ما سبق من الوعد وثبت بالدليل كتخليد أهل الجنة .
وعند المعتزلة القطع بالعذاب الدائم ، من غير عفو ولا إخراج من النار ، وما وقع في كلام البعض من أن صاحب الكبيرة عند المعتزلة ليس في الجنة ولا في النار فغلطٌ نشأ من قولهم : إن له المنزلة بين المنزلتين ، أي حالة غير الإيمان والكفر .
وأما ما ذهب إليه مقاتل بن سليمان وبعض المرجئة من أن عصاة المؤمنين لا يعذبون أصلاً وإنما النار للكفار تمسكاً بالآيات الدالة على اختصاص العذاب بالكفار مثل : قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ، إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ .
فجوابه : تخصيص ذلك العذاب بما يكون على سبيل الخلود .
وأما تمسكهم بمثل قوله عليهالسلام : من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق ، فضعيف ، لأنه إنما ينفي الخلود لا الدخول .
لنا وجوه : الأول ، وهو العمدة : الآيات والأحاديث الدالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة البتة ، وليس ذلك قبل دخول النار وفاقاً ، فتعين أن يكون بعده وهو مسألة انقطاع العذاب ، أو بدونه وهو مسألة العفو التام ، قال الله تعالى : فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . من عمل صالحاً منكم من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة .
تبادل المواقع بين الخوارج والمرجئة !
يحسن هنا أن نسجل أمراً طريفاً نلاحظه في عصرنا ، وهو تبادل المواقع بين ورثة الخوارج ، وورثة الخلافة الأمويين والمرجئة !
فورثة الخوارج ( الأباضيون
) تنازلوا عن العنف الفكري وسجلوا ليونتهم العقائدية والفقهية تجاه فرق المسلمين . . بينما ورثة الخلافة الأموية ( التكفير