من جهة العموم وعدمه ، فإن يبني على الوجه الأوّل فالعموم ثابت مطلقا ، أو على الثاني فهو منفيّ مطلقا من غير فرق أصلا ، فظهر ضعف تعليله بقوله : ( فإنّ الطبيعة لم تترك حينئذ ) ، لما عرفت من أنّه إذا يبني على الوجه الثاني فترك الطبيعة صادق بترك بعض أفرادها وإن كان مع وجود بعض آخر.
ثم إنّ قوله : ( مع أنّ الامتثال بالترك الآخر ـ حينئذ ـ محال ) أضعف من الوجه الأوّل :
أمّا أوّلا ـ فلأنّ الأفعال المنهيّ عنها لم تنحصر في الزنا الّذي لا يمكن ارتكاب فردين منه في آن واحد ، بل في غاية الكثرة ، وأكثرها ممّا يمكن فيه ذلك ، كأكل مال الغير ، وقتل الغير ، وسرقة مال الغير ، وضرب الغير ، وشتمه ، ولعنه إلى غير ذلك ممّا يكاد أن لا يحصى ، لإمكان قتل شخصين في آن واحد ، فيتحقّق قتلان ، وأكل مال اثنين ، وسرقته ، فيتحقّق تصرّفان في مال الغير وسرقتان ، فكأنّه ـ قدّس سرّه ـ قصر النّظر في (١) مثل الزنا.
وأمّا ثانيا ـ فلأنّ الاشتغال بضدّ الشيء لا يخرج ذلك الشيء عن تحت القدرة ، بل هي باقية عليه ، نعم الاشتغال بالضدّ مانع فعلا عن الاشتغال بالشيء ، وليس هذا من معنى انتفاء القدرة ، فافهم.
فلنرجع إلى ما كنّا في صدده فنقول : أمّا الشاهد على اعتبار الطبيعة المتعلّقة للنهي على الوجه الأوّل فيقرّر على وجهين :
أوجههما : أنّه لو كان المعتبر في النهي الطبيعة بحيث يصدق تركها بترك بعض الأفراد يلزم عدم الفائدة في النهي لحصول تركها باعتبار بعض أفرادها لا محالة ، فيكشف ذلك [ عن ] أنّ المعتبر هي بعنوان الإطلاق والوحدانية الّذي يلزمه انتفاء جميع الأفراد.
__________________
(١) الصحيح : على.