المذكور للثاني كذلك ، فلذا (١) يكون استعمال اللفظ مع القيود اللفظية فيه مع كلّ واحد من القيود المعنويّة ـ إذا لم يرد الخصوصيّة من اللفظ ـ على وجه الحقيقة ، حيث إنّ عدم اعتبار الشرط لا يقضي بعدمه ، بل يجتمع مع ألف شرط ، فلا يقال : إنّ الموضوع هو اللفظ مجرّدا عن القيود ، فاستعماله معها استعمال لغير اللفظ الموضوع بإزاء ذلك المعنى فيكون مجازا ، أو يقال : إنّ الموضوع له هو ذات المعنى مجرّدة ، فاستعمال اللفظ فيه مع كونه مقيّدا بشيء من القيود استعمال له في خلاف ما وضع له ، ف [ هو ] مجاز.
فإذا عرفت ذلك كلّه فاعلم : أنّ الطبيعة في مقام الحكم والاستعمال إن أخذت على الوجه الأوّل من الثلاثة ـ سواء في المصادر مطلقا مجرّدة ، أو في ضمن المشتقّات وفي غيرها من أسماء الأجناس ـ فلا ريب أنّ الملحوظ حينئذ إنّما هو أمر وحداني ، وهو نفس الطبيعة ، وليس نظر المتكلّم إلى الأفراد ـ حينئذ ـ إلاّ من حيث كونها مرايا كاشفة وحاكية عن تلك الصورة الوحدانية وموجدة لها على حدّ سواء ، بمعنى أنّ كلّ واحد منها إنّما يحكي عمّا يحكي عنه الآخر ، ويوجد ما يوجده الآخر ، ولازم ذلك عقلا تحقّق الأمر الملحوظ ، وهو الطبيعة المعتبرة على الوجه المذكور بوجود واحد من الأفراد بحيث لا حاجة في صدق وجودها إلى وجود أزيد منه ، بل المصحّح لصدقه عند العقل يتحقّق بتحقّق فرد
__________________
(١) قال دام ظلّه : فرق بين اعتبار الطبيعة على الوجه الأوّل في مقام الحكم والاستعمال وبين اعتبارها على ذلك الوجه في مقام الوضع ، فإنّ المستعمل إذا أخذها على ذلك الوجه فهو إنّما يأخذها من دون نظر إلى وجود شيء منها أو عدمه ـ بمعنى أنّه لا يلتفت إلى شيء منهما حينئذ ـ وأمّا الواضع فهو أوّلا يلتفت إلى اعتباراته الثلاثة في مقام الحكم والاستعمال ، ثمّ يقطع النّظر عن تلك الاعتبارات حتّى اعتبارها لا بشرط ، ويضع اللفظ لنفس الطبيعة وإن كانت الطبيعة لا تنفكّ عن أحد الاعتبارات المذكورة في مقام الحكم ، لكنّها غير منظور إليها في مقام الوضع ، فعلى هذا فيرجع حاصل الفرق إلى اعتبارها على الوجه المذكور في مقام الوضع أوسع منه دائرة في مقام الحكم والاستعمال ، فافهم واغتنم. لمحرّره عفا الله عنه.