المشتبه كونه مصداقا له ، فلو أخّره عن أوّل الأوقات مع احتمال تعذّره في المتأخّر من الأزمنة ، فاتّفق تعذّره حينئذ ، فهو مؤخّر له (١) عن وقته المستلزم لفوته من غير مرخّص شرعي ، فلا يكون معذورا حينئذ ، فيستحقّ العقاب عليه ، ولازم ذلك ـ بحكم العقل ـ لزوم المبادرة إليه مع احتمال التعذر فيما بعد مع اشتباه زمان التعذّر فيما بين الأزمنة المتأخّرة دفعا للعقاب المحتمل.
وكيف كان ، ففي صورة الشبهة الحكمية وإن [ كان ] مقتضى حكم العقل جواز التأخير ، وعدم وجوب المبادرة ، إلاّ أنّ الشبهة الموضوعية ـ أعني اشتباه آخر أزمنة التمكّن الّذي يجوز التأخير إليه واقعا ـ مجرى للاشتغال بحكم العقل ـ كما عرفت ـ لما عرفت.
والفارق بين الصورتين : أنّه لمّا كان بيان الحكم لازما على الشارع فمهما لم يعلم البيان يقبح العقاب بحكم العقل ، فلذا يحكم بجواز التأخير في الشبهة الحكمية ، حيث إنّ بيان الحكم من شأن الشارع ، ويكون لازما عليه ، هذا بخلاف الشبهة الموضوعيّة فإنّه ليس على الشارع تعيين المصداق المشتبه ، فعدم بيانه له لا يكون عذرا عند العقل ليكون التأخير لأجله تأخيرا لمرخّص ، فيكون العقاب محتملا لأجل التأخير ، والاشتغال اليقيني بالتكليف يقتضي عقلا الخروج من عهدة العقاب عليه كذلك ، ويقبح الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية مع التمكّن من العلمية ، مع احتمال العقاب على الأوّل ، فيجب المبادرة دفعا لضرر العقاب المحتمل.
ومن هنا ظهر ضعف ما ربما يتوهّم من أنّ موضوع قاعدة الاشتغال إنّما هو احتمال العقاب ، فيحكم العقل حينئذ تحصيلا للأمن منه ، لكن احتماله منفيّ في المقام بحكم العقل ، فإنّ المكلّف شاكّ في أوّل الوقت في تنجّز التكليف
__________________
(١) في الأصل : متوخر له ..