المتأمّل ـ ضرورة أنّ القضاء إنّما هو تدارك لما فات من المصلحة في الوقت ، لكنه ليس محصّلا لجميع المصالح التي تحصل بفعل الأداء ، فانّ منها ما لا يحصل إلاّ بالوقت المحدود به الفعل ، وهي لا تحصل إلاّ بإيقاعه في الوقت ، فيقبح حينئذ على الحكيم أن يرخّص بترك تحصيل المصلحة التامّة مع التمكّن منها ، ويوجب تحصيل الأنقص لها ، فإنّ ذلك خلاف اللطف ونقض للغرض ، ضرورة أنّ الغرض من الأمر بالقضاء إنّما هو تدارك المصلحة الفائتة ، فيقبح عليه إذا كان غرضه ذلك أن لا يأمر بتحصيلها في الوقت مع كونها أتمّ فيه منها في خارجه.
نعم يمكن أن يكون المصلحة في عدم الأمر بالقضاء في بعض الموارد ، فتزيد هي على مصلحة الفعل ، فلا يأمر به حينئذ.
وكيف كان فلا يعقل أن يقول الشارع للعبد : يجوز لك أن لا تعيد إذا أخللت بما أتيت به ، لكن يجب عليك القضاء.
ومن هنا ظهر ضعف ما تخيّل بعض المتأخرين (١) من أنّ الاستلزام ليس عقليا إلاّ أنّه لم يقع الانفكاك بينهما شرعا ، وأمّا استلزام سقوط القضاء لسقوط الإعادة فالظاهر أنّه ليس عقليا ، بل هو ـ على تقدير ثبوته ـ شرعي لا غير.
ثمّ المراد بالإتيان بالمأمور به على وجهه : هو الإتيان به كما امر به ، كما فسّره العضدي في شرح المختصر (٢).
لكن لا يخفى أنّ زيادة قيد « على وجهه » لا وجه لها لتضمّن المأمور به لهذا القيد ، فإنّه إذا أتى به بعنوان كونه مأمورا [ به ] فقد أتى به كما أمر به ، فيكون القيد مستدركا لا تأسيسا.
__________________
(١) الفصول : ١١٦.
(٢) شرح المختصر : ١ ـ ٢٠٤.